شهدت مصر خلال الأشهر القليلة الماضية حزمة من الاكتشافات الأثرية المهمة، التي تعزِّز فرص إنعاش الموسم السياحي، خصوصاً في ظل تراجع معدلات السياحة منذ حادث إسقاط طائرة سياح روسية في سماء منتجع شرم الشيخ، أواخر أكتوبر 2015، ولجوء روسيا التي يشكل مواطنوها أكبر نسبة من إجمالي السياح الوافدين إلى مصر في الشتاء، إلى تجميد رحلاتها السياحية إلى أرض الكنانة.أحدث تلك الاكتشافات أعلنه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، إذ قال إن البعثة الأثرية التابعة لوزارة الآثار والعاملة في موقع آثار تل الدير في محافظة دمياط، (190 كيلومتراً شمال شرق القاهرة)، كشفت عن مجموعة من التوابيت الفخارية ذات اللون الأحمر وأسطوانية الشكل، ترجع إلى العصر الروماني.
وأوضح وزيري أن ثمة توابيت مكتشفة عليها صور لمعالم واضحة للوجه من الأنف والفم، والبعض الآخر نُقشت عليه خطوط غائرة وأشكال هندسية، كذلك تحتوي التوابيت على بقايا لدفنات تميزت بوجود الكارتوناج، وهي عبارة عن طبقة من الجص الأبيض كانت توضع على بعض أجزاء من جسد المُتوفي بعد لفِّه بالكتان.من جانبها، قالت رئيسة الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، نادية خضر، إن البعثة عثرت أيضاً على كثير من بقايا الأواني الفخارية ونحو 700 تميمة متنوعة الأشكال والخامات، بعضها على هيئة الآلهة إيزيس وحورس وتاورت، وتميمة القلب، بالإضافة إلى مجموعة من الجعارين مختلفة الأحجام، وكثير من الرقائق الذهبية المختلفة، بخلاف خمسة خواتم ذهبية، ثلاثة منها صغيرة الحجم يعلوها عنقود العنب، رمز الإله ديو نيسوس عند اليونان، وباخوس عند الرومان، وهو إله العالم الآخر، وإله المسرح، وأخرى على هيئة دلفين ارتبط بالإله بوسيدون إله البحار.وأوضح مدير عام الحفائر والبعثات في دمياط، رضا أبوالمعاطي، أن أعمال البعثة لهذا الموسم جاءت استكمالاً لمواسم سابقة، وكشفت عن بقايا جبانة ترجع إلى عصر الأسرة الـ26 في عهد الملكين بسماتيك الثاني ونفر إيب رع.
13 موقعاً أثرياً في المدينة الساحرة
دمياط إحدى أهم المدن السياحية والأثرية القديمة، إذ تنتشر في ربوعها مجموعة من أهم المناطق الأثرية، خصوصاً في بحيرة المنزلة وعلى ضفافها، والمنطقة الواقعة شرق النيل. وخلال السنوات الأخيرة بدأت وزارة الآثار في مصر الكشف عن كثير من الثروات الأثرية الدفينة، كذلك انتشال مجموعة من الآثار الغارقة إزاء سواحل المدينة، بخلاف ما تضمّه المدينة ذات الطبيعة الساحرة من 13 موقعاً أثرياً، تستعرض «الجريدة» أهم ثلاثة مواقع منها:• تل الدير: يشكِّل إحدى أهم التلال الأثرية في دمياط. تبلغ مساحته نحو سبعة أفدنة، ويرجح أنه كان جبانة مصرية قديمة تعود إلى الأسرات السادسة والعشرين وأسرات العصر الفرعوني المتأخر. اختيرت 1100 قطعة أثرية، استخرجت من الموقع لتكون ضمن سيناريو العرض المتحفي في المتحف المصري الكبير، الجاري إنشاؤه راهناً، ومن المقرر افتتاحه منتصف العام الجاري، ونقلت القطع الآثرية إليه.• تل البراشية: تقع منطقة تل البراشية جنوب شرق مدينة فارسكور، حيث تم العثور على حمَّام روماني يعد الأول من نوعه في منطقة شرق دلتا مصر، وفيه خزان سفلي لتخزين المياه، تتخلله خطوط للصرف الصحي. كذلك عُثر على منطقة سكنية غاية في الروعة بتقسيمها المعماري ملاصقه لهذا الحمَّام، بالإضافة إلى شواهد مكتوبة باللغة القبطية، من بينها شريحة من الذهب، وعملات برونزية رومانية. كذلك وجد الخبراء مقبرة تعود إلى العصر الروماني المتأخر القبطي.• بحيرة المنزلة: بحيرة تانيس أو بحيرة المنزلة الآن، هي تلك البحيرة التي تصل الماضي بالحاضر. لم تكن موجودة قبل القرن السادس الميلادي، بل كانت أراضي زراعية خصبة ترويها فروع النيل القديمة التي تصب في البحر المتوسط. واشتهرت المنطقة بجمال طبيعتها ولكن في أواسط القرن السادس عصفت بها الطبيعة إذ وقع زلزال رهيب دمر المدن وأغرق الثغور واختفت المراعي والآثار الجميلة، وتكونت بأرضها البحيرة الحالية حيث تطوي في أعماقها مدناً وحدائق، وتخلفت على وجهها عدد من الجزر والتلال الأثرية.