ماركس والدمية
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
اعتمدت الكاتبة على سيرة ذاتية تناولت فيها رحلتها طفلة من طهران إلى باريس للالتحاق بوالدها الذي هاجر مسبقا. ولكن تلك الهجرة أضاعت هويتها بين كونها باريسية أو إيرانية، وكان صراعها بين لغتين هو صراع هويتها. فهي تعشق حياتها في طهران، وتعشق ثقافتها الغذائية، ولكنها لا تجد سببا يغريها في تعلم الفارسية كلغة أم. هذا الصراع الذي انتصرت فيه حين نضجت وكرست عملها في اللغتين لتقبل أنها فرنسية من أصول إيرانية وتعشق موطنها الأم الذي هجرته للمرة الثانية في الكبر تحت إلحاح الأسرة.تنوع السرد معتمدا على ما يسمى التشظي "Fragments" تقدم من خلاله قصصا ماضوية تحت عنوان "كان يا ما كان"، أو صورا فوتوغرافية لشخوص التقطتهم من الحياة العامة. تلك الصور كانت محاولة لتقديم الحياة التي تود عليها طهران وليس الحياة التي اضطرت الناس لعيشها. ما يعيب تلك الصور أنها كانت بلا حياة روائية، لا نبض روائي ولا شخوصا تعبر عن نفسها. صور رسمت على حائط النص لا تنبض بأي حياة.تعددت الأجناس فكان لشعر الخيام، الذي اضطر المترجم إلى العودة لرباعيات أحمد رامي واعتماد ترجمته، دور في إغراء رجل عابر كمحاولة للتعبير عن حرية مفقودة في مدينة بعيدة عنها الآن، وزج أسماء شعراء الفارسية دون دور حقيقي في السرد.كل ما تم تقديمه كحياة بديلة للحياة الحالية هو فعل لا يمكن تصديقه، وحرية ناقصة لأنها حرية القشور. لا يمكن أن يكون بديل الثورة المخدرات والحشيش وحياة الصخب الليلي تحت جنح الظلام. ولهذا غاب ماركس عن الرواية ولم نجد له الدور الذي عليه أن يقوم به، لم تستطع الروائية حتى تقديم أسباب ثورة والدها ولا محتوى المناشير التي يحتفظ بها. لم تقدم لنا أسباب سجن أعمامها وهروب والدها. ربما غياب الروائية نصف عمرها عن طهران أضاع علينا فرصة أن نقرأ، روائيا، ذلك الصراع الثقافي بين اتجاهين لن يلتقيا أبدا.