بعد أن فشلت زيارته لإسرائيل في طمأنة الدولة العبرية إلى أن القرار الأميركي بالانسحاب من سورية لن ينعكس عليها سلباً، استكمل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، أمس، الشق الأصعب من زيارته الهادفة إلى هندسة الانسحاب الأميركي من سورية، بمحاولة إقناع القيادة التركية، وعلى رأسها الرئيس رجب طيب إردوغان وكبار مسؤولي حكومته، بالتخلي عن فكرة الهجوم على الحلفاء الأكراد في سورية وتنسيق أي عمل عسكري محتمل مع واشنطن.

ووصل بولتون إلى تركيا برفقة رئيس الأركان جوزيف دانفورد والمبعوث الأميركي لسورية والتحالف الدولي جيمس جيفري، ومن المقرر أن يجري اليوم مباحثات مع المتحدث الرئاسي التركي والمستشار الأمني إبراهيم كالين، ووزير الدفاع خلوصي آكار، ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان، تتضمن دور الأتراك في محاربة "داعش" بعد الانسحاب الأميركي من سورية، والهجوم المقرر ضد الوحدات الكردية في شمالها.

Ad

ولدى لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، حدد بولتون، أمس الأول، شروط انسحاب القوات الأميركية، مؤكداً أنها يجب أولاً أن تضمن الدفاع عن الحلفاء الأكراد وإسرائيل وهزيمة تنظيم "داعش" وعدم قدرته على إحياء نفسه.

وأوضح بولتون، أن "هناك أهدافاً تحكم الانسحاب نود أن تتحقق وبعدها سنتحدث عن جدول زمني"، مشيراً إلى أن واشنطن قد تبقى بعض القوات في قاعدة التنف بالجنوب في إطار الجهود لمواجهة الوجود الإيراني.

شروط تركيا

وقبل زيارته لتركيا، انتقد المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين رهن بولتون الانسحاب من سورية بتحقيق بعض الشروط منها ضمان أنقرة سلامة الأكراد وعدم القيام بأي عمل عسكري دون تنسيق، نافياً استهداف الأكراد على وجه الخصوص ووصف تصريحاته بأنها "ادعاءات لا يقبلها العقل" وأنه "لا يمكن للإرهابيين أن يمثلوهم".

وأكد أن تركيا تستهدف تنظيمات "داعش" و"الكيان الموازي" وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي ووحدات الحماية الشعبية "الإرهابية"، مشدداً على أن هدفها من مكافحة "الإرهاب" هو حماية أمنها القومي وتحقيق السلام الإقليمي وضمان الاستقرار والأمن.

وأعرب عن عزم تركيا مواصلة مساعيها من أجل إنهاء الحرب في سورية وتحقيق الأمن وتطبيق مرحلة الانتقال السياسي، مؤكداً أنها ستكون على الأرض وفي طاولات المفاوضات لحماية مصالحها القومية.

انهيار أميركي

بدوره، اعتبر أمين المجلس القومي الإيراني علي شمخاني أن استراتيجية الولايات المتحدة انهارت في سورية، وأنها تواجه موقفاً متناقضاً في شرق الفرات، مؤكداً أن قواتها ليس لها أي دور في سقوط تنظيم "داعش".

وقال شمخاني، خلال المؤتمر الدولي لأمن غرب أسيا المنعقد بطهران، إن "الظروف الراهنة تدفع واشنطن إلى الخروج من سورية".

مهمة بيدرسون

في هذه الأثناء، بدأت أمس، مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى سورية الدبلوماسي النرويجي غير بيدرسون، وذلك مع انتهاء مهمة لسلفه ستيفان ديميستورا استمرت أربع سنوات دون إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن مصادر دبلوماسية في دمشق قولها، إن بيدرسون "دبلوماسي متمرس، ومحايد عملياً، ويمكن أن يقود مهمته بحياد"، معتبرة أن "الآمال معقودة عليه في أن ينجح بمهمته إذا سهل له المجتمع الدولي ذلك، أما إذا أراد المجتمع الدولي العمل بناء على أجندات، فلن يعتدل الأمر لأنه سيصبح طرفاً وليس وسيطاً".

وفي وقت سابق، أكد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد أن "سورية كما تعاونت مع المبعوثين السابقين، ستتعاون مع بيدرسون، بشرط أن يبتعد عن أساليب من سبقه ويعلن ولاءه لوحدة سورية، وألا يقف إلى جانب الإرهابيين كسلفه".

معابر «النصرة»

وعلى الأرض، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) فرض سيطرتها على جميع المعابر في ريفي حلب وإدلب، وذلك عبر وضع حواجز مع مناطق سيطرة القوات الحكومية وفصائل المعارضة.

ووفق مصدر في المعارضة، فإن "النصرة"، التي أعلنت انتهاء عملياتها العسكرية في مركز ثقل الفصائل المدعومة من الجيش التركي، أغلقت المعابر الواصلة بين عفرين وإدلب لأسباب إدارية وأمنية، كما أغلقت معبر دارة عزة بعد طرد حركة نور الدين الزنكي"، مشيراً إلى أنها "ستعيد فتح معبر المنصورة غرب مدينة حلب مع القوات الحكومية خلال أيام".

وشدد المصدر على أن الأيام المقبلة ستشهد سيطرة "النصرة"على كل المناطق الخاضعة للمعارضة في إدلب وريف حلب الغربي والجنوبي وكذلك ريف حماة من خلال الضغط على "جيش العزة" و"صقور الشام" و"أحرار الشام" وإخضاعها لوزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ أو مواجهة مصير حركة الزنكي".

هيئة التفاوض

وفي ختام اجتماعاتها في السعودية، أمس الأول، دعت هيئة التفاوض إلى اجتثاث "النصرة" من سورية، مؤكدة أنها "تعمل والتنظيمات الإرهابية كافة ضد مصالح السوريين وتطلعات ثورتهم من أجل الحرية والكرامة والعدالة".

ووصف رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري هجوم "النصرة" على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر والمشمولة باتفاق الروسي- التركي بـ"الكارثة"، متهماً النظام وإيران الداعمة له بتحريك هذه التنظيمات من أجل إفساد أي تفاهم قد يكون لمصلحة الشعب السوري.

وعلى جبهة موازية، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعوم من واشنطن، أنها أوقفت خمسة أجانب من "داعش" بينهم أميركيان وأيرلندي، موضحة أنها تمكنت من إحباط هجمات في 30 ديسمبر ضدّ قوافل نازحين من محافظة دير الزور كانوا يسعون إلى الهروب من مناطق التنظيم.

ونشرت القوات على موقعها الإلكتروني، أمس الأول، لائحة تضم أسماء الموقوفين وصورهم، وهم جهاديان من الولايات المتحدة وأيرلندي وباكستانيان أحدهما من مدينة لاهور والآخر من مدينة سيالكوت، ليصل عدد الموقفين لديها نحو ألف جهادي و550 امرأة و1200 طفل، جميعهم أجانب، بحسب مسؤولين أكراد.

ووسط استمرار الكرّ والفرّ، كثف "داعش" هجماته على مواقع "قسد" في جيب هجين شرقي دير الزور خلال اليومين الماضيين، اللذين شهد إصابة جنديين بريطانيين في هجوم صاروخي.