إسقاط القروض قبل إسقاط المجلس
إلى من يحاول خلط الأوراق، ويقارن هذا المجلس الهزيل بالمجالس السابقة، ويجادل بأن المجالس السابقة قبل إقرار الصوت الواحد قد تبنت مثل هذه القضايا الشعبية، نقول فعلاً تعددت الاقتراحات في هذا الشأن، ولكن شتان ما بين فلسفتها وغاياتها وبين منظور بعض النواب في المجلس الحالي.
بعض النواب "شادين حيلهم" في قضية إسقاط القروض، وذلك في سباق مع الزمن لتحسين صورة المجلس الذي تم تشويه تاريخه وإفراغ هيبته وتحويله إلى أداة حكومية بامتياز.التسريبات النيابية المشحونة بالاتهامات المتبادلة حول المقترحات بشأن إسقاط القروض أو الدعوة إلى طمطمة الموضوع حتى لا يحل المجلس تثبت سيناريو "لحّق ما تلحّق"، ففي كل الأحوال فإن تمرير إسقاط القروض بالإضافة إلى تمرير مقترحات التقاعد المبكر قد يفضيان إلى حل المجلس، ليس من باب أن الحكومة لا تملك القدرة على رفض هذه الاقتراحات "الشعبية"، بل لإظهار نوابها الموالين كأبطال مدافعين عن حقوق الناخبين وتلميع صورتهم لأي انتخابات مبكرة، وإلا كيف يمكن تفسير الإخلاص المطلق لبعض النواب للحكومة على مدى ثلاث سنوات والدفاع المستميت عنها في كل ما يتعلق بمصادرة حقوق الناس، ثم يتحول فجأة هؤلاء النواب إلى مقاتلين عن المكتسبات الشعبية؟
الأسئلة المنطقية: أين كان الأبطال الشعبيون عن قوانين مصادرة الحريات والاعتقالات والحبس الاحتياطي دون مبرر وملاحقة المغردين طوال هذه الفترة؟ وأين صحوة النواب المتأخرة حول سحب الجناسي والقيود الأمنية على المواطنين بسبب توجهاتهم ومواقفهم السياسية؟ بل أين كانوا من فرض الرسوم وزيادة أسعار الوقود وصرف التعويض الذي صرح به النواب لتمرير زيادة البنزين في المجلس السابق؟مقترحات إسقاط القروض لا تختلف عن قانون التقاعد المبكر في عدة أوجه، ومن أهمها أنها لا تخدم مختلف قطاعات الشعب، بل مجاميع محدودة من المواطنين، إضافة إلى كونها خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها حكومياً، ولكنها تسجل بطولة مجانية لمن يركب موجتها.وإلى من يحاول خلط الأوراق، ويقارن هذا المجلس الهزيل بالمجالس السابقة، ويجادل بأن المجالس السابقة قبل إقرار الصوت الواحد قد تبنت مثل هذه القضايا الشعبية، نقول فعلاً تعددت الاقتراحات في هذا الشأن، ولكن شتان ما بين فلسفتها وغاياتها وبين منظور بعض النواب في المجلس الحالي.قانون التقاعد، على سبيل المثال، أقرته الحكومة بما يشمل من مواد مجحفة بحق غالبية الموظفين بدعم من حلفائها النواب على شاكلة نواب الحكومة الحاليين، أما إسقاط القروض فلم تكن الأغلبية البرلمانية مؤيدة لإلغاء أصل القروض، كونها تتعارض مع مبدأ العدالة، وإنما كان المسعى الأهم هو إسقاط الفوائد غير القانونية والتي تجاوز بعضها أصل الدين في مخالفات صريحة للبنوك، ومع ذلك نجحت الحكومة في وأد تلك المقترحات عندما أوعزت للمحسوبين عليها من النواب تقديمها لخلط الأوراق وتشويه المقترحات العادلة.الوعي المجتمعي في النهاية هو الكفيل بفرز الغث من السمين، وكشف الاستغلال السياسي والتوقيت الزمني للاقتراحات الوهمية في الوقت الضائع!