بومبيو يبحث في بغداد الوجود الأميركي و«الميليشيات»
• تبادل اتهامات بين العبادي والمالكي بشأن استدعاء واشنطن
• عبدالمهدي سيسحب الجيش من المدن
أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو زيارة غير معلن عنها سابقاً إلى بغداد، وبحث ملف الوجود الأميركي العسكري في العراق، في ضوء الانسحاب من سورية، كذلك ملف الميليشيات العراقية الشيعية التي لا تزال تحمل السلاح وتهدد واشنطن بين الحين والآخر.
في عز الجدل الذي أثارته زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق قبل حوالي أسبوعين والتهديدات باستهداف القوات الأميركية من بعض الفصائل المقربة من إيران، أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، زيارة إلى بغداد التقى خلالها رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، إضافة إلى لقاء كبار قادة القوات الأميركية في العراق. زيارة بومبيو غير المعلن عنها سابقاً جاءت في إطار الجولة التي يجريها الوزير الأميركي على 8 دول عربية، هي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن، وأثارت تساؤلات حول وجود مخاوف أمنية كبيرة لدى واشنطن، لعدم الإعلان عن زيارة ترامب وزيارة بومبيو بشكل سابق. ونقلت الرئاسة العراقية، في بيان، عن بومبيو قوله، خلال لقائه الرئيس العراقي برهم صالح، أن «الإدارة الأميركية حريصة على إقامة علاقات مميزة مع العراق على مختلف الصعد»، مؤكدا التزام واشنطن المستمر بمحاربة «داعش» و»الإرهاب».
وأضاف البيان، أن الولايات المتحدة «تعد العراق شريكا مهما واستراتيجيا في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية»، مبديا استعداد بلاده للاستثمار في إعادة إعمار العراق وخاصة مدنه المحررة.من جانبه، شدد صالح على «ضرورة انتهاج لغة الحوار البناء بين جميع الأطراف لتحقيق الامن والسلام، وتخفيف حالة التوتر وعدم الاستقرار على الساحتين العربية والاقليمية، وتعزيز التعاون دوليا وإقليميا لإنهاء التطرف ودحر الإرهاب».وأكد حرص العراق على «بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول الصديقة والحليفة المبنية على احترام سيادته وثوابته واستقلالية قراره الوطني».وأشاد بعمق العلاقة التي تربط بلاده بالولايات المتحدة وضرورة تطويرها بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الصديقين، مؤكدا أهمية مساهمة الجانب الاميركي في إعمار العراق والنهوض باقتصاده والارتقاء بالقطاعات كافة.وأعرب الرئيس العراقي عن تقديره لدعم الولايات المتحدة للعراق سياسيا وأمنيا، لاسيما في حربه ضد «الإرهاب»، وتحقيقه «النصر الكبير» على «داعش».وتهدف جولة بومبيو إلى تطمين الحلفاء في المنطقة بعد قرار ترامب الانسحاب التام من سورية، وهو الأمر الذي لو تم بالسرعة التي يقترحها ترامب، فسيترك تداعيات استراتيجية كبيرة خصوصاً في حال تمكنت إيران من ايجاد ممر آمن عبر الحدود العراقية إلى سورية ولبنان على البحر المتوسط. كما تهدف الجولة إلى حشد الحلفاء في المعركة غير العسكرية التي تشنها واشنطن ضد إيران لدفعها الى التفاوض على اتفاق جديد يشمل برنامجها النووي وأنشطتها التوسعية في المنطقة. وقالت مصادر عراقية، إن بومبيو بحث مع المسؤولين العراقيين كيفية الإبقاء على الوجود العسكري الأميركي في العراق لتأمين الانسحاب الأميركي من سورية، مع ارتفاع الأصوات النيابية العراقية لقوى مقربة من طهران المطالبة بإصدار تشريع يخرج القوات الأميركية من البلاد.وأضافت المصادر أن بومبيو بحث أيضاً استمرار غارات التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا في العراق. وتعترض قوى على التفويض الذي منحته بغداد لواشنطن، بعد اجتياح «داعش» لمحافظات عراقية في 2014، لاستخدام الاجواء العراقية. ولم يذكر ترامب أنه يعتزم سحب القوات الأميركية البالغ قوامها 5200 جندي من العراق على العكس، أفادت تقارير أميركية بأن وزارة الدفاع الاميركية تنوي استخدام العراق قاعدة خلفية للتدخل المحدود في سورية إذا ما دعت الحاجة. وأكدت المصادر أن بومبيو سيبحث ملف الميليشيات العراقية الشيعية الموالية لإيران خصوصاً في ضوء التهديدات التي توجهها هذه الميليشيات بين الحين والآخر للجنود الأميركيين في العراق.
العبادي والمالكي
في السياق، اتهم ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الحكومة العراقية السابق حيدر العبادي سلفه نوري المالكي، وهما ينتميان إلى حزب الدعوة الإسلامي، باستدعاء القوات الأميركية إلى العراق مجدداً عام 2014 رداً على اتهامات وجهت للعبادي بهذا الشأن.وقال الائتلاف في بيان: «القوات الأميركية تم استدعاؤها إلى العراق بتاريخ 24/6/2014 من قبل حكومة نوري المالكي إثر دخول تنظيم داعش وإسقاطه لمحافظاتنا العزيزة كما هو مثبت في وثائق الأمم المتحدة والوثائق المتبادلة بين الدولتين، مستندة في ذلك إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق وأميركا».وأضاف البيان: «العبادي حين نال ثقة مجلس النواب بتاريخ 8/9/2014 كانت القوات الأميركية موجودة في العراق قبل تسلمه مسؤولية رئاسة الوزراء بأكثر من شهرين، وأنه هو الذي جعلها قوات متعددة وليست قوات أميركية فقط».وفي رد على الرد، قال «ائتلاف دولة القانون» إن «ما ورد في بيان النصر من تهم ومغالطات يمثل محاولة للتهرب من مسؤولية استقدام حكومة الدكتور العبادي للقوات الاميركية ومنحها قواعد ثابتة على الأراضي العراقية وصلاحية التحرك على الأرض وسماء العراق دون الرجوع الى السلطات العراقية، وذلك يعد مخالفة صريحة لبنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي المبرمة مع الولايات المتحدة والتي أفضت إلى خروج القوات الأجنبية من العراق عام ٢٠١١».وأضاف أن «انسحاب القوات الأجنبية يعد يوماً استثنائياً في تاريخ العراق الحديث تفتخر فيه حكومة السيد نوري المالكي إذ تمكن المفاوض العراقي من إخراج القوات الأجنبية من جميع الأراضي العراقية ومن دون أي بنود أو ملاحق سرية».ولفت إلى أن «زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف عن حقيقة ما منحته الحكومة السابقة من صلاحيات للقواعد الأميركية التي تتعارض مع أبسط مقومات السيادة، لذلك يحاول ائتلاف النصر التخلي عن المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية التي أخلت بها حكومة د. العبادي أمام الرأي العام».سحب الجيش
وأعلن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية عادل عبدالمهدي أمس، أن الحكومة تحث الخطى على أن تتحمل أجهزة وقوى الأمن الداخلي حفظ الأمن في المدن بدلاً من قوات الجيش العراقي.وقال عبدالمهدي، في خطاب خلال حضوره احتفالية وزارة الداخلية بمناسبة عيد الشرطة العراقية: «نحن نحث الخطى على أن تتحمل أجهزة وقوى الأمن الداخلي مهمتها الأساسية بدلاً من قوات الجيش، التي أبلت أحسن البلاء في مهمات حفظ الأمن والدفاع والانتصار».وأضاف:»لقد استبسل أفراد الشرطة وفاجأوا الإرهاب وقدموا مثلاً رائعاً في التضحية دفاعاً ًعن وطنهم، وأن الشرطة المحلية والاتحادية تساهم مع بقية القوات المسلحة والحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة في تعزيز حالة الأمن والاستقرار بعد مشاركتها الفاعلة في هزيمة داعش».