«درس»... التسلق نحو بلوغ الغايات مهما كان الثمن
العرض أظهر إمكانات الدوب التمثيلية وقدرات الشيخلي الإخراجية
قدمت فرقة مسرح الخليج العربي، عرضها الرائع «درس»، أمس الأول، على خشبة مسرح الشامية.
ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ 25، عرضت فرقة مسرح الخليج العربي مسرحية «درس»، على خشبة مسرح الشامية، أمس الأول، وهو العمل الفائز بالجائزة الكبرى (أفضل عرض مسرحي متكامل) وأفضل ممثل دور أول في مهرجان الكويت المسرحي الـ 19، بحضور رئيس الفرقة الفخري الكاتب الكبير عبدالعزيز السريع ونائب الرئيس الفنان عبدالله العتيبي، والمخرج د. حسين المسلم، والفنانة باسمة حمادة، وجمع من محبي «أبو الفنون». عنوان النص الأصلي للعرض «الطريقة المنهجية في تعلم الوصولية» للكاتب السوري لؤي عيادة، الذي يتكون من فصلين، ويتبع تقنية مسرحية داخل مسرحية.معدّ ومخرج العمل إبراهيم الشيخلي، فقد ابتعد عن فضح اللعبة المسرحية بذكاء، بتغيير العنوان إلى «درس»، ليكون أكثر غموضاً، ومدعاة للتساؤل والتفكير، فيما يدور حوله العرض، وقام باختزال الفصلين إلى فصل واحد لا يتعدى 60 دقيقة، باحتراف ودراية دون أن يخل بالهيكل الأساسي للنص، وثيمته الرئيسة، تكمن حول التسلق نحو البلوغ إلى الغايات مهما كان الثمن، أي الانتهازية والوصولية. تدور أحداث المسرحية حول الشخصية المحورية عادل مصطفى الذي يقوم أيضاً بدور الراوي، إذ يروي كيفية وصوله إلى مركزه المهم مديراً عاماً، فعائلته تعاني الفقر المدقع، لذا كان يعمل صيفاً حتى ينفق على دراسته شتاءً، فنال شهادة الثانوية، ثم درس الحقوق وتخرج فيها، عندها تقدم إلى أول مسابقة تعلن عن وظيفة، لكنه رسب، لأنه مواطن شريف، ثم تأتي المصادفة، التي تشكل الخطوة الأولى على طريق الألف ميل عندما يقع أمامه حادث سير، ويكون المدهوس عجوزاً والد أحد المسؤولين المهمين جداً، فيقوم بإنقاذه والتبرع له بالدم، ثم يتكفل الشخص المهم بتأمين وظيفة لـه في شركة ورق الحمامات بأسهل السبل مقابل إنقاذ حياة والده بدافع إنساني.
وفور استلام الرجل لوظيفته تبدأ عنده رغبات السيطرة وبلوغ أعلى درجات السلم الوظيفي، لينطلق مع الدرس الأول وعنوانه «الليونة» يتلخص في ضرورة أن يكون المرء مسايراً للجميع دون أن يكسب عداء أحد، سواء كانوا متزمتين أو متحررين، وبذلك يكسب ثقة الجميع دون أن يشك فيه، وبذلك أصبح رئيساً للجنة النقابية.بعدها درس «الطاعة»، وهي الطاعة للرؤساء فقط، فيصدر قرار بتسمية عادل رئيساً للجنة المشتريات في الفرع الذي يعد من أكبر فروع الشركة. ثم درس «الرزانة»، حيث يمارس رزانته وتمنّعه في الأوقات المناسبة، على ألا تكون المواجهة مع الرؤساء تمس الأمور الجوهرية في العمل، وبذلك يحافظ عادل على هامش من حرية التحرك وفرض الرأي. بعد ذلك يأتي درس «ضرورة الاحتكاك مع المديرين خارج أوقات الدوام» وهو الدرس الذي طبقه بحذافيره، والذي أهله لأن يصبح رجل المدير الأول في الشركة الذي ينقل لـه ما يدور في كواليسها، بل ويؤلبه على من يعتبره عقبة في طريق وصوله إلى غايته، فمن خلال درس «الشطارة» يتمكن عادل من إزاحة رئيس الديوان ويأخذ مكانه، وكذلك المهندس غسان، ليدخل إلى الحزب، ثم يصبح مديراً لفرع العاصمة، وصولاً إلى آخر درس «قلب ميت»، حيث يسمم عادل المدير العام «سين»، ليعتلي منصبه.وينتهي العرض بإذاعة أخبار: انهيار مبني بسبب فساد المسؤولين، وأزمة سكنية يعاني منها المواطنون، وارتفاع الإيجارات، صرّح مسؤول بإزالة المسارح وبناء مكانها المجمعات العقارية.»درس» يبرز إمكانات رائعة للفنان ناصر الدوب في أدائه لشخصية «عادل»، وتمكنه من إطلاق القفشات الكوميدية في محلها، ولم تكن مجانية، وكذلك أفرز هذا العمل مخرجاً متمكناً من أدواته وواعياً لرسالته المسرحية، وتصميم ديكور يعبر عن الانتهازية والوصولية من خلال سلالم كبيرة تم توظيفها بإبداع.
فريق العمل
إعداد وإخراج إبراهيم الشيخلي، وتمثيل: ناصر الدوب، عبدالله البصيري، عثمان الصفي، فهد رويشد، محمد الأنصاري، وإضاءة عبدالله النصار، وأزياء شهد العبيد، وديكور محمد الربيعان، والموسيقى والمؤثرات الصوتية عبدالله البصيري.
ديكور محمد الربيعان عبّر عن الانتهازية والوصولية