الظاهرة الرجعانية وبيت الزجاج
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
في الحالتين السابقتين كان الهروب أو الخروج من البلاد واقعياً، أي أنه تم تعطيل تنفيذ حكم القانون بفعل هذا الخروج السهل اللامبالي، لكنّ هناك هروباً وخروجاً عن حكم القانون وليس من حدود الدولة، يصح أن نسميه الخروج الاعتباري، فمثلاً في قضايا التحويلات والإيداعات، لم تحدث فيها اتهامات رسمية أوصلت المتهمين إلى قاعات المحاكم، لأن القانون فيه "نقص" لا يحاسب حينها مثل قضية الإيداعات بتضخم حسابات المتنفعين من نواب الغم، أو ربما علو منصب المشتبه فيهم أبعدت الشبهات، فخرج من الوزارة وزير كان حريصاً على اسمه وشرف منصبه، وهو الشيخ محمد صباح السالم، ودخل نائب أيضاً، كان حريصاً على شرف نيابته، قفص الاتهامات بسبب ملاحقته وكشفه لفضائح الكبار وهو فيصل المسلم، خرج الاثنان، وجلس أبطال النهب من الأموال العامة يتكئون على أرائك السلطة بكل وداعة واطمئنان. كذلك لا ننسى قبل هاتين الحالتين المادية والمعنوية، كانت هناك جرائم رهيبة لاختلاسات وتبديد الأموال العامة، حدثت أثناء الاحتلال العراقي، مثل قضايا الناقلات والاستثمارات الأجنبية، لكن "يبدو" أن أخطاء مادية في إجراءات سير الدعاوى أسعفت المتهمين أو بعضهم.الحالات السابقة "الهروب المادي الحقيقي" من حكم القانون أو"الخيالي" - عدم المساءلة لأي سبب مصطنع - تعد كلها ظاهرة يمكن أن نسميها بالظاهرة الرجعانية (نسبة لمتهم التأمينات)، فهي "ظاهرة" بمعنى أنها متكررة، وعامة، نستشعرها بخبراتنا الإنسانية، تأتي وتروح مرات ومرات، بغير مبالاة ومصداقية جدية في إعمال حكم القانون. بعد كل هذا، كم يصعب على السلطة أن تدافع عن قضيتها في رفض إسقاط القروض، فآلاف المقترضين الذين أثقلت كاهلهم القروض يقولون للحكومة الدائمة: "بيتك من زجاج" في الحفاظ على الأموال العامة، فلماذا ترمين بيوتنا بالحجارة؟!