تصادف يوم غد الثلاثاء الذكرى الثالثة عشرة لوفاة أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه الذي وافته المنية في 15 يناير عام 2006 بعد مسيرة عطاء حافلة رسخت في قلوب الكويتيين ووجدانهم.ويعد «أمير القلوب» طيب الله ثراه الحاكم الثالث عشر للكويت والثالث منذ إعلان استقلال الكويت عام 1961 وولد رحمه الله عام 1928 وهو النجل الثالث للأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح وتلقى تعليمه في مدارس المباركية والأحمدية والشرقية.
وبدأ الأمير الراحل حياته العملية في يناير 1949 بتعيينه رئيساً للأمن العام بمدينة الأحمدي وفي عام 1959 عينه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله رئيساً لدائرة المال والأملاك العامة وبعد الاستقلال عام 1961 عين وزيراً للمالية والصناعة في أول وزارة وتحديداً في 17 يناير 1962.وفي عام 1965 عين الشيخ جابر الأحمد رئيساً لمجلس الوزراء قبل أن تتم مبايعته ولياً للعهد ثم يتبوأ مسند الإمارة عام 1977 بعد رحيل الشيخ صباح السالم الصباح رحمه الله.ومنذ أن تولى الشيخ جابر الأحمد رحمه الله مقاليد الحكم قاد البلاد بحكمته نحو التقدم والازدهار في كل المجالات والصعد وسعى داخلياً إلى التطوير ومن خلال تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والنهضة العمرانية وخارجياً بقيامه بالعديد من الزيارات الرسمية لتوطيد علاقات الكويت بالمجتمع الدولي إلى جانب دوره الرائد في مساعدة الدول الفقيرة والنامية أو تلك التي تعاني جراء ويلات الحروب.وركز الأمير الراحل طيب الله ثراه جل اهتمامه على الكويت ورفاه أهلها إذ حرص على توفير كل سبل الراحة والرفاهية لشعبه من خلال عطاءاته فكان للشباب النصيب الوافر من الاهتمام والرعاية من خلال تأسيس الهيئة العامة للشباب والرياضة عام 1992 لتنشئتهم وتنميتهم أخلاقياً وفنياً وعقلياً وبدنياً.ولم يغب عنه رحمه الله الجانب الاجتماعي للكويتيين إذ صدرت في عهده المئات من المراسيم الأميرية التي تعالج المشاكل الاجتماعية ومساعدة الأيتام ومجهولي الوالدين كذلك المسنين وتقديم الرعاية لهم كما أنشأ التأمينات الاجتماعية وصندوق احتياطي الأجيال القادمة.كما لم يغفل الأمير الراحل عن الاهتمام بالمرأة الكويتية ودورها في المجتمع فكان مسانداً لقضاياها وأول من سعى إلى إعطائها حقوقها السياسية كاملة إذ أصدر مرسوماً أميرياً بذلك عام 1999.وعلى صعيد السياسة الخارجية كان للأمير الراح مبادرات عديدة على المستويات الخليجية والعربية والدولية إذ كان صاحب فكرة إنشاء مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الدول الست من أجل تحقيق الترابط المشترك والمصير الواحد في مواجهة التحديات.كما أظهر «أمير القلوب» رحمه الله كل الحرص على القضايا العربية والإسلامية فأنشأ الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر عام 1961 وترأس أول مجلس لإدارة الصندوق الذي يعد أول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تقوم بالمساهمة في تحقيق الجهود الإنمائية للدول العربية والدول الأخرى النامية من خلال تقديم قروض ميسرة لمساعدة الدول الفقيرة في تمويل مشاريعها الإنمائية.وكان الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح صاحب مبادرة إسقاط فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة حين ترأس منظمة المؤتمر الإسلامي في الدورة الـ 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر عام 1988.وشهد عهد الأمير الراحل العديد من القضايا الصعبة والدقيقة لكن حكمته وحنكته السياسية وقيادته الرشيدة وسلامة تخطيطه ورؤيته الثاقبة مكنت الكويت من تجاوز المحن وتخطي الأزمات التي مرت بها البلاد لاسيما خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.ولعل من أبرز تلك القضايا التي مرت بها البلاد خلال فترة حكمه محنة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت عام 1990 إذ أدت حكمة الشيخ جابر الأحمد وخبرته مع الدعم الكبير للدول الشقيقة والصديقة دورا رئيسياً في دحر قوات الاحتلال وتحرير الكويت من براثن العدوان.وبفضل السياسة الحكيمة التي تميز بها الأمير الراحل والتفاف أهل الكويت حول قيادتهم شق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طريق الإعمار والنهضة والخير والعطاء لإزالة ما دمره العدوان الغاشم وبفضل تخطيطه السليم استطاع تغطية نفقات التحرير التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات.وبعد أن من الله على الكويت بنعمة التحرير والاستقرار قام الأمير الراحل بزيارات عدة لمعظم دول العالم حاملاً على أكتافه قضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين باعتبارها قضية الكويت الإنسانية الأولى وطرحها في المحافل العربية والدولية.كما أولى الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه أبناء الشهداء اهتماماً كبيراً فحرص على رعايتهم والاهتمام بهم من خلال تأسيس مكتب الشهيد في 19 يونيو عام 1991 الذي يتولى رعاية ذوي الشهداء في كل مجالات الحياة.وحرص الأمير الراحل أيضاً على بناء العلاقات الكويتية مع مختلف دول العالم وتعزيز العلاقات الثنائية وكان سباقاً للمشاركة في العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية وقام بالعديد من الجولات والزيارات الرسمية لمختلف اقطار العالم سعياً منه لتعزيز مكانة الكويت العالمية.وبفضل خبرته وعطاءاته وإنجازاته حاز الأمير الراحل رحمه الله العديد من الأوسمة والشهادات تكريماً له ومنها نيله شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة اليابان في 14 أكتوبر 1965 كما حصل على وسام نجمة رومانيا في 25 أكتوبر 1999 والوسام المحمدي المغربي في 22 أكتوبر 2002.وفي عام 1995 اختير رحمه الله شخصية العام الخيرية من مؤسسة «المتحدون للإعلام والتسويق البريطانية» بعد استبيان شارك فيه 5 ملايين عربي.وبعد مسيرة طويلة من العطاء والحكمة تميزت بالعمل المخلص والإنجاز تلو الآخر في جميع المجالات حتى أصبحت الكويت «عروس الخليج» ترجل «أمير القلوب» الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عن صهوة الحياة تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من الحب والعطاء الذي منحه لشعبه فبادله الحب أضعافاً مضاعفة لتبقى ذكراه راسخة في وجدان أهل الكويت.
محليات
في ذكرى رحيله الـ 13.. الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد مسيرة عطاء باقية في قلوب الكويتيين
14-01-2019