أسرار القبندي «الهدف 13» للغزو العراقي
بدلاً من إبراز وإظهار النماذج الوطنية والاجتماعية المشرفة مثل أسرار القبندي، رحمها الله، وتدريس قصة حياتها في المناهج التعليمية وإحياء ذكراها العطرة لتكون نبراساً للأجيال تترك الساحة إعلاميا واجتماعياً للتافهات والسطحيات ومسلسلات الروايات الركيكة والقصص الرخيصة ليتصدرن المشهد.
في مثل هذه الأيام سنة ١٩٩١ أعدمت قوات الاحتلال العراقي بطلة الكويت وابنتها المخلصة الشهيدة بإذن الله أسرار محمد القبندي (٢٣ نوفمبر ١٩٥٩- ١٤ يناير ١٩٩١) وإلى اليوم لا يمكن لأهل الكويت ولا تاريخ الكويت أن ينسى هذه المرأة النادرة التي تستحق أن تكون أيقونة الفتاة الكويتية وصورتها المشرفة.كان لأسرار رحمها بطولات تحت الاحتلال أصابت جنود الغزاة بالهلع واستنفرت قواتهم المعتدية للقبض عليها بسبب نشاطها الحثيث في خدمة قضية الكويت والدفاع عن أرضها وأهلها، وكان من أهمية الدور الكبير الذي تقوم به أسرار أن شكّل النظام العراقي لجنة خاصة للقبض عليها، وأطلق عليها "الهدف ١٣"، كما كشف عنه في وثائق النظام العراقي بعد سقوطه، ولما قبض عليها المحتلون الغزاة في شهر نوفمبر ١٩٩٠ بعث لها الرئيس العراقي الهالك مبعوثاً خاصاً يستجوبها، وقيل إنه قابلها بنفسه، فأسمعته كلاماً أغاظه عن الكويت وأهلها، وبعد شهرين من الاستجوابات الوحشية والمعاملة اللا إنسانية ورفضها التام للكشف عن أي معلومات عن الكويت والكويتيين أُعدمت أسرار، رحمها الله، بعد محاكمة صورية ظالمة، وأُلقي جثمانها الطاهر وآثار التعذيب ظاهرة عليها أمام منزل أهلها في ضاحية عبدالله السالم.
لقد تعرضت صورة الفتاة الكويتية للإهانة والإذلال خلال العقدين الأخيرين من جراء ما تعرضه المسلسلات التافهة التي تسمى زوراً "مسلسلات كويتية"، وهي أعمال لا علاقة لها بالكويت، وتبحث عن الإثارة الكاذبة والإسفاف الفني، وتركز على القصص الشاذة في المجتمع، ثم توسعت دائرة التشويه بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف ساهم الإعلام الغائب والمجتمع المغيّب في إشهار صور سفيهة ونماذج تافهة للفتاة الكويتية- حتى من غير الكويتيات ممن ينتسبن إلى الكويت- من خلال الاهتمام بهذه الأشكال الاصطناعية الخاوية من الداخل، وإلصاق صورة الفتاة والأسرة الكويتية لها في انحدار إعلامي واجتماعي خطير، دون أي مبادرة فعالة من أي جهة رسمية أو أهلية لإيقاف هذا الهدم والتشويه المهين. وبدلاً من إبراز وإظهار النماذج الوطنية والاجتماعية المشرفة مثل أسرار رحمها الله- وغيرها- وتدريس قصة حياتها في المناهج التعليمية وإحياء ذكراها العطرة لتكون نبراساً للأجيال تترك الساحة إعلاميا واجتماعياً للتافهات والسطحيات ومسلسلات الروايات الركيكة والقصص الرخيصة ليتصدرن المشهد، بل يتم تضخيم مكانتهن بالدعوات الرسمية والمقابلات الإعلامية والاهتمام من المؤسسات الحكومية. إنها جريمة في حق الوطن وجريمة في حق أبنائه فانتبهوا لما يجري وصححوا المسار، ورحم الله بنت الكويت البارّة أسرار القبندي.والله الموفق.