مع اتجاه الأنظار إلى مركز ثقل فصائل المعارضة في إدلب، توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتدمير تركيا اقتصادياً، في حال شنّت عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية بعد انسحاب قواته من سورية.

وطالب ترامب، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، "الأكراد بالمثل وعدم استفزاز تركيا"، داعياً إلى "إنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية- التركية بمسافة 20 ميلاً".

Ad

واعتبر ترامب أيضاً أنّ "روسيا وإيران وسورية كانت أكبر المستفيدين من سياسة الولايات المتّحدة الطويلة المدى لتدمير تنظيم داعش، ونحن استفدنا من ذلك أيضاً، لكنّ الوقت قد حان الآن لإعادة قوّاتنا إلى الوطن. أوقفوا الحروب التي لا تنتهي!".

وجاء في تغريدة الرئيس الأميركي: "لقد بدأ الانسحاب الذي طال انتظاره من سورية، في حين تتواصل بقوّة الضّربات ضدّ ما تبقّى من التنظيم، ومن اتجاهات عدّة. سنضربه مجدّداً من قاعدة مجاورة، في حال عودته".

وعلى هامش زيارته للرياض، أوضح وزير الخارجية مايك بومبيو أن تهديد ترامب لتركيا لن يغير خطط سحب القوات من سورية، مشيراً إلى أن تعليقاته تشير إلى عقوبات.

وأكد بومبيو رغبة واشنطن في إقامة "منطقة عازلة" في شمال سورية لتفادي تعرض الأتراك للأكراد بطرق قد لا تكون مقبولة بمناطق سيطرتهم، مبيناً أنه يواصل محادثاته "لضمان أمن الذين حاربوا لإسقاط داعش وخلافته، وأيضاً ألا يتمكن الإرهابيون من مهاجمة تركيا".

رد تركي

في المقابل، شدد وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو على أن تهديدات ترامب "لن تؤدي إلى شيء، ولن ترهب أحداً"، مؤكداً أن "الشركاء الاستراتيجيين، لا يفترض بهم تبادل الأحاديث على تويتر وعلى شبكات التواصل الاجتماعي".

وقال جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية لوكسمبورغ جان إسيلبورن: "عندما يخيّر شعبنا بين الصعوبات الاقتصادية والتهديد الإرهابي، يرد بأنه يفضل الجوع والعطش، لكنه لن يحني رأسه"، لكنه أكد أن أنقرة "ليست ضد فكرة إنشاء منطقة أمنية" بين حدودها ومواقع أكراد سورية.

وذكّر بأن تركيا طالبت مرات عدة في السنوات الأخيرة بإقامة منطقة بعرض 30 كلم لحماية حدودها مع سورية، ومنع وجود ممر إرهابي ومنظمة إرهابية تشكل تهديدا لها، مضيفاً: "الآن يطرحون هذه الفكرة على الطاولة بعدما رأوا أن تركيا مصممة على عمل عسكري ضد الوحدات الكردية".

انخفاض الليرة

ومع تمسك الناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالين بمواصلة مكافحة الوحدات الكردية، معتبراً أنه "لا فرق" بينها وبين "داعش"، انخفضت الليرة التركية، التي خسرت نحو 30 في المئة من قيمتها العام الماضي، إلى 5.53 مقابل الدولار أمس من 5.4540 يوم الجمعة بعد أن لامست 5.5450 في التعاملات الصباحية.

وعلى نحو منفصل، انخفض الناتج الصناعي للشهر الثالث على التوالي بنسبة معدلة في ضوء التقويم قدرها 6.5 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر، في مؤشر إضافي على أن الاقتصاد يتباطأ.

جبهة إدلب

وعلى الأرض، أجرى الجيش التركي تدريبات ومناورات ضخمة في النقطة "الصفر" على خط التماس مع محافظة إدلب، موضحاً أنه كثف تعزيزاته خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى جميع المدن المتاخمة لهذه المحافظة، التي انفردت جبهة النصرة سابقاً بالسيطرة عليها ميدانياً وإدارياً.

وفي ظل التطورات المتسارعة بإدلب، نقلت وكالة "سبوتنيك" عن مصدر عسكري رفيع المستوى، أن "المعركة الحاسمة باتت أقرب من أي وقت مضى بالاشتراك مع حلفائنا الروس".

ومع توافد التعزيزات الكبيرة للجيش السوري ووصولها إلى الخطوط المتاخمة لمنطقة منزوعة السلاح وتحديداً قطاع محردة- الزلاقيات، أكد المصدر أنه تم رفع الجاهزية للقوات الموجودة على جبهتي حماة وإدلب، تحسباً لأي طارئ بعد سيطرة "النصرة" على كل المنطقة وفشل الطرف التركي في تنفيذ بنود اتفاق سوتشي، وإحجامه عن إخلاء المنطقة منزوعة السلاح، وفتح الطريقين الحيويين حماة- حلب، واللاذقية- حلب أمام حركة الترانزيت والنقل.

حل جذري

وبينما طالب ائتلاف المعارضة بـ "حلّ جذري ينهي وجود النصرة" في إدلب، دعا قائد الجبهة أبو محمد الجولاني إلى تشكيل جسم عسكري موحد يضم جميع الفصائل والتشكيلات تكون مهمته الدفاع عن المناطق المحررة بالمحافظة، ووضع الإدارة المدنية تحت يد أكاديميين على مستوى عالٍ من الاختصاصات سواء الطب أو غير ذلك.

وفي ظهور نادر على وكالة "أمجاد للإنتاج المرئي"، أعلن الجولاني دعمه توجه تركيا للسيطرة على مناطق شرق الفرات، معتبراً أن "حزب العمال الكردستاني عدو للثورة، ويستولي على مناطق يقطن عدد كبير فيها من العرب السنة، ونرى ضرورة إزالة هذا الحزب، ولا يمكن أن نعوق هذا العمل".

وقال الجولاني: "العدو الروسي والإيراني ليسا بحاجة إلى الدخول لمنطقة من المناطق، فهذه درعا والغوطة وريف حمص لم تكن تسيطر عليها الهيئة بل الفصائل المعتدلة"، مضيفاً: "نحن جزء من الثورة السورية، ولا نريد التسلط على رقاب الناس، إنما يهمنا المسار الصحيح تحت الشريعة".

الأكراد والروس

ومع تسلم السفير الروسي الجديد لدى دمشق ألكسندر إيفيموف مهامه، دعا ممثل أكراد سورية رشاد بنعاف موسكو إلى التوسط في "المفاوضات المتوقفة تماماً مع دمشق بسبب الخلافات العميقة في وجهات النظر"، مبيناً أنها "يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً، لإشراك الأكراد في إعداد الدستور ومفاوضات أستانة وجنيف".

بدورها، أكدت رئيسة الهيئة التنفيذية لـمجلس سورية الديمقراطية (قسد) إلهام أحمد، أن المحادثات الأخيرة "لم تأت بنتيجة"، موضحة أن الفشل سببه إصرار النظام على سياسته القديمة واشتراط فرض سيطرته على المنطقة.

وأوضحت أحمد، خلال اجتماعها ووجهاء وشيوخ العشائر بريف الحسكة، أن الجماعات الكردية فتحت باب الحوار مرات عدة، "لكن دون جدوى"، مشيرة إلى أن "المخططات الكردية لم يكن فيها تقسيم لسورية أو أي شكل من أشكال الانفصال".