عشتَ شريفاً ولقيتَ ربك بوجهٍ ناصع البياض حتى غدوتَ المثل الأنبل عند كل شرفاء الكويت.فمنذ بروزك للعمل العام في بواكير شبابك وأنت تمثل النموذج الأمثل للمواطن الملتزم حيال قضايا وطنه في كل المهام التي أنيطت بك، وقمتَ بها خير قيام، بل إنك لم تتوقف عن التفاني في العمل حتى بعد أن امتدت إليك الأيادي الغادرة التي ما أعاقتك عن العمل... فلله درك من إنسان قوي العزيمة طاهر النفس نقي السريرة، ما جاملت على حساب الوطن والمواطن، ولا هادنت مَنْ يعيثون فساداً في شرف الوطن من اللصوص والسُّراق من ذوي الضمائر الميتة.
لماذا أكتب إليك هذه السطور وأنت في رحاب رحمة رحيمٍ كريم؟!... لأنني على ثقةٍ أن روحك الطاهرة عندما ترفرف على إرثك الذي حرصت على بنائه وقد غدا نهباً للسُّقاط والأنذال والسفلة، ستشعر بالألم والأسف والحسرة... نعم أيها الإنسان المجاهد... وأؤكد أنك بكل المقاييس مجاهد في سبيل وطنك ومواطنيك يوم أسّست أطواداً حضاريةً شامخة يعود ريعها ونفعها على الإنسان الكويتي، ولتتوارثها من بعدك الأجيال تلو الأجيال... لكن الأنذال تناهبوا تراثك تحت بصيرة مَنْ يعلمون ويتظاهرون بعدم علمهم، لأنهم غير قادرين على تحريك ساكنٍ، فاللصوص السفلة يلوحون بورقةٍ رابحة فحواها: إذا عوقبنا فسنكشف أوراق مَنْ شاركونا، فمن غير المنطقي أن نسرق كل هذه الأموال العامة الطائلة دون أن يكون لنا شركاء ساهموا وسهّلوا لنا وهم لا يزالون في مناصبهم، ومن غير المستبعد أن يكونوا محتلين لمناصبهم الكبيرة حتى هذه الساعة! علماً بأن الدول التي تحترم نفسها تستخدم كل الوسائل القانونية لملاحقة مَنْ يختلسون المال العام، وهناك الكثير من الشواهد والأمثلة في العالم، ولكن التقاعس الذي تلتزمه الدولة يؤكد أن المافيات المشاركة في سرقات مال الكويت العام المتتالية متوغلة حتى النخاع في البنية الأساسية التي تُمكِّنها من سرقة حقوق الشعب الكويتي دون حسيب أو رقيب!***والغريب أن المواطن الكويتي يشهد دورات مختلفة لمجلس الأمة، وكلها تثير قضية سرقات الأموال العامة، ومازال صوت محمد الصقر يصرخ في أذني وهو يحدد أحد كبار اللصوص ممن فلتوا من القانون رغم الجرائم التي ارتكبها في حق الوطن، وهناك غير الصقر مَنْ كان يقدم الأدلة الرسمية التي تثبت السطو الصريح على المال العام، فضلاً عن الكتابات اليومية في الصحف، ولكن رغم كل هذا ما تزال قافلة سرقات المال العام مستمرة، وتأخذ أشكالاً متعددة، وكلها تسير على قدمٍ وساق بسلامٍ وطمأنينة مادام الذئب هو الحارس الأمين على الخراف!حتى أصبح البعض يرفع شعار "إذا لم تسرق فأنت غبي"، ويبرر ذلك بأن الجميع يسرق فلماذا لا أسرق؟! أعود إلى المرحوم حمد الجوعان لأقول له: إنك وسامٌ على صدر كل مَنْ ينتمون إليك بصلة، وكل مَنْ تعامل معك في خدمة هذا الوطن.أما هؤلاء اللصوص فقد جلبوا لوطنهم ولأنفسهم ولذويهم الخزي والعار، ويكفيهم أنهم موضع احتقار كل الكويتيين، إذ جعلوا وطنهم بقرةً حلوباً رأسها يرتع في خيرات نفط الآبار وبقيتها تدر الحليب في أسواق مصارف وبنوك أوروبا وأميركا... وبعضهم جعل الكويت دولة مؤقتة، فوطنه الحقيقي يتبع الأموال التي سرقها من هذا الوطن، فرحمة الله عليك يا حمد الجوعان، ولك الله يا شعب الكويت الطيب!
أخر كلام
أسبغ الله رحمته عليك يا حمد الجوعان!
16-01-2019