قرية الشيخ صباح الأحمد التراثية
قالوا "الأمة التي تحفظ تاريخها تحفظ ذاتها"، وهذا ما تمثله قرية الشيخ صباح الأحمد التراثية كإحدى الوجهات السياحية الرائدة التي تستدعيها الذاكرة مصحوبةً بما تحمله من موروث شعبي للكويت خصوصاً ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً، فالقرية التي أقيمت بناء على توجّهات ورعاية خاصة من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، أنشئت بمساحة بلغت نحو 25 كيلو متراً، وتم تقسيمها لستة أجنحة، يبرز ويعرض كل جناح منها ما تتمتع به كل دولة من الدول الخليجية الست من موروث شعبي وأعمال فنية وتراثية، إضافة لامتلاكها محمية للنباتات البرية التي تنمو في الكويت، وأنواعا من حيوانات تعيش في صحراء الكويت وأرضها، هناك كذلك البحيرة والأسواق، والمرافق والخدمات المختلفة للزوار. وللإنصاف ما يميز القرية عن غيرها أن ما تعرضه ليس الأعمال التراثية والمشاهد الفنية فقط، بل هي عبارة عن ملتقى خليجي مصغر ومشهد تاريخي (معاصر) بنكهة الماضي، وتراث (حي) يستطيع الزائر عبر طياته استرجاع صورة الماضي وأصالته ممتزجاً بالحاضر وحداثته.والحقيقة ان هذه الوجهة السياحيّة المُميزة في الكويت لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا عبر طاقات ورؤى لقيادات تعمل وتتابع عملها بعناية وإخلاص، منطلقة من توجهات سمو الأمير نفسه، وما يوليه من اهتمام بالموروث والتراث في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، ويحضرني هنا تحديداً شخصية فرضت حضوراً مميزاً في إتمام هذا العمل من حيث الإشراف والعمل الدؤوب المنظم، وهو المستشار محمد ضيف الله شرار (المشرف العام للقرية)، هذه الشخصية المتمرسة التي شغلت العديد من المناصب وخدمت في كثير من المواقع، لا تزال تستكمل أعمالها بالكفاءة والإتقان نفسهما، وتولي موضوع التراث الوطني جزءاً موسعاً من اهتمامها وجهودها التي تزداد معه القرية تألقاً وحضوراً عاماً بعد عام، مما جعل منها منطقة جذب تراثي حضاري وإنساني مهم للزوار من داخل الكويت وخارجها.
بوجه عام النجاح الذي حققته القرية يتيح لنا القول إنها مثال فاعل وحي للقدرة على العبور من حالة الاغتراب في عصر المعلوماتية والإعلام العولمي وألم الحنين إلى الماضي الذي لم يتح لنا العيش فيه، إلى واقع يستلهم مستقبله وثقافته الحديثة دون انفصال عن تراثه أو ماضيه، دلالة تثبت خطأ الصورة التقليدية التي لا تزال تشغل مساحة وحيزاً في أذهان كثيرين، وتظهرها معلماً ثقافياً وتراثياً بلمسات "محلية"، فالماضي أحياناً يكون منصة للانطلاق لا ساحة للاسترخاء، لذلك استحقت القرية أن تكون ضمن أشهر الأماكن التي يقصدها من يقرر زيارة الكويت والتعرف على عمقها الأصيل.