صورة لها تاريخ : العديلية كانت ٤ صياهد وفيها مياه جوفية ويزرع بها القمح والشعير
بعد أن تحدثنا في المقال الماضي عن اسم العديلية، وبداياتها، نتطرَّق في مقال اليوم إلى الزراعة القديمة فيها. أتذكَّر وصفاً ورد على لسان أحد كبار السن، بأن العديلية عبارة عن أربعة تلال (صياهد) صغيرة متجاورة تضم منطقتي العديلية والروضة الحاليتين. وورد في أكثر من رواية، أن العديلية كانت تتوافر فيها مياه جوفية، وأن تربتها خصبة، مما ساعد على الزراعة فيها. يصف الأستاذ حمد السعيدان في كتابه الشهير (الموسوعة الكويتية المختصرة) العديلية، فيقول: "كانت العديلية فيما مضى من أخصب المراعي، ويكثر فيها نبات الصمعاء وحقول القمح والشعير لأصحاب المزارع الصغيرة".
ويقول الأستاذ فرحان عبدالله الفرحان في معجمه: "تعتبر العديلية من أخصب أراضي الكويتيين القدماء الذين يأتون على حميرهم لزراعة هذه المنطقة بالقمح والشعير، وقد أنتجت غلة جيدة، والمعروف أن الآبار في هذه الأرض ماؤها صالح للزراعة". وورد في رواية أخرى، أن بعض المزارعين الذين كانوا يزرعون في منطقة المقوع الشرقي (وهي المنطقة التي تقع فيها سينما الحمراء والفردوس سابقاً) انتقلوا للزراعة في العديلية، بطلب من الشيخ مبارك الصباح، بعد أن ضاقت عليهم أرض المقوع الشرقي. وفعلاً في عهد الشيخ مبارك الصباح بدأت الزراعة في العديلية، واشتهرت عائلتا بويابس والكوت بالزراعة في هذه المنطقة، وكانت لهما مزرعتان كبيرتان فيها. وقد نقل لي العم سلمان نصف النصف، رحمه الله، في عام 2004، أنه سمع المرحوم أحمد البشر الرومي في إحدى المرات يقول إن إبراهيم المضف (المتوفى عام 1927)، رحمه الله، كانت له مزرعة كبيرة في شمال شرق العديلية. ومن العائلات الأخرى التي كانت لها مزارع في العديلية قبل تنظيمها وتعميرها أسرة خضير الهويدي، وأسرة اليعقوب. ويقول عبدالله حسين الحطاب في مقابلة صحافية له عام 2004، إن والده كان له بئر ماء في العديلية طولها خمسة أبواع، وأرض تحيط بالبئر، وأنه في وقت لاحق باعها لشخص من أهل الكويت. وفي مقابلة صحافية أجراها الأستاذ سعود الديحاني مع المرحوم حسين علي الكوت (مواليد 1916)، ونُشرت بجريدة الرأي العام في 6-12-1996، أن الشيخ مبارك الصباح أهدى لوالده أرضاً في العديلية، وتمت زراعتها قمحاً وشعيراً، وأطلق عليها اسم "الباهية". وأكد أنه وهو صغير كان يتوه بين سنابل القمح، فيصيح عليه والده "وينك يا حسين؟ هِز الزرع علشان أعرف مكانك".ومن الوثائق الدالة على وجود مزرعة لأسرة بويابس، ما ورد في ورقة كتبها الشيخ عبدالله الجابر الصباح، رحمه الله، في 28-11-1977، وقال فيها: "من خصوص حامل الورقة عبدالله بن صالح بويابس يتردد علينا، ويطلب منا شهادة عن مزرعة والده الكائنة في العديلية سابقاً. وحيث إن لدي شهادة حسب معرفتي على حيات المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح والشيخ خزعل، رحمهما الله، كانا يزوران المذكور في مزرعته بالعديلية، وهي مزرعة حنطة وكثير من أعيان البلاد يزورونه ويكشتون عنده. هذا ما لزم من الشهادة، وبالله التوفيق".