ذكر «الشال»، في تقرير حديث حول أداء الاقتصاد العالمي، أن «البنك الدولي» يتفق مع من سبَقه من المهتمين بمتابعة ذلك الأداء مثل «صندوق النقد الدولي» و«الإيكونومست» و«الفدرالي الأميركي»، حيث يرجح التقرير خفض معدلات النمو للسنة الفائتة 2018 وعامين بعدها بنسبة ثابتة بحدود - 0.1 في المئة، مقارنة بتوقعاته للسنوات الثلاث في تقرير سابق، لتصبح تقديراته 2.9 في المئة و2.8 في المئة و2.8 في المئة لتلك السنوات على التوالي. وبعود خفض توقعات النمو إلى اضطراب العلاقات بين الدول، ومن أمثلتها تلك الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أو الولايات المتحدة والصين، وهو نهج تتبناه النزعة الشعبوية الانعزالية، وهي ظاهرة تاريخية تحدث بعد الأزمات الكبرى، والجديد فيها أنها جاءت في عالم تبنى العولمة نهجاً على مدى أكثر من عقدين من الزمن.
ولا يبدو أن أكبر المتضررين هما أكبر طرفي النزاع، أو الولايات المتحدة والصين، فالبنك لا يغير توقعات النمو لهما بالسالب إلا في سنة من السنوات الثلاث، للولايات المتحدة - 0.1 في المئة عام 2020، وللصين - 0.1 في المئة عام 2019، ولكنه ثمن تدفعه أطراف أخرى.
ضرر حقيقي
المتضرر الرئيسي في وجهة نظر البنك هي الاقتصادات الناشئة والنامية التي خفض توقعــات نموهـا للسنـوات الثـلاث 2018 - 2020 بنحـو - 0.3 في المئة و- 0.5 في المئة و- 0.2 في المئة على التوالي. وعند تقسيم هذه الاقتصادات - الناشئة والنامية- إلى قسمين، يقع الضرر الحقيقي ضمنها على ذلك القسم منها، الذي يعتمد على تصدير المواد الأولية، فالتغيير في توقعات النمو للسنـوات الثـلاث المذكـورة لهـذا القسـم كان - 0.8 في المئة و- 0.7 في المئة و- 0.1 في المئة على التوالي، ودول النفط ضمن هذا القسم. وتبلغ توقعات النمو للاقتصادات الناشئة والنامية للسنوات الثلاث المذكورة 4.2 في المئة و4.5 في المئة و4.6 في المئة على التوالي، بينما تبلغ تلك التقديرات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 1.9 في المئة و2.7 في المئة و2.7 في المئة للسنوات الثلاث المذكورة على التوالي. ولأكبر اقتصادات دول مجلس التعاون، أو الاقتصاد السعودي، توقع البنك نمواً للسنوات 2018-2020 بحدود 2 في المئة و2.1 في المئة و2.2 في المئة على التوالي. ولثاني أكبر اقتصاد، أي الإمارات العربية المتحدة، 2 في المئة و3 في المئة و3.2 في المئة للسنوات الثلاث على التوالي. ولثالث أكبر اقتصاد، أو الكويت، 1.7 في المئة و3.6 في المئة و3.6 في المئة للسنوات الثلاث على التوالي، وهي التوقعات الأعلى ضمن دول المجلس. ولقطر رابع أكبر اقتصاد 2.3 في المئة و2.7 في المئة و3 في المئة للسنوات الثلاث على التوالي، ثم لعُمان خامس اقتصاد 1.9 في المئة و3.4 في المئة و2.8 في المئة للسنوات الثلاث على التوالي، ثم للبحرين 3.2 في المئة و2.6 في المئة و2.8 في المئة على التوالي، ودول التعاون تتأثر سلباً بالمتغيرات العالمية، إضافة إلى التأثيرات السلبية لأزماتها الداخلية.معدلات تاريخية
وفي خلاصة، يبدو أنه أصبح من المسلم أن اقتصاد العالم بات ينمو بمعدلات أدنى من معدلاته التاريخية ما قبل أزمة عام 2008، وأن المتغيرات السلبية على الساحة السياسية والجيوسياسية باتت تضغط سلباً على تلك المعدلات كلما زادت حدتها. ومع بقاء نمو الاقتصاد الصيني بمعدلات نمو أعلى من 6 في المئة، والاقتصاد الهندي بمعدلات في حدود 7.6 في المئة، مقابل معدلات نمو أدنى من 2 في المئة للولايات المتحدة وأوروبا، يبدو أنها مسألة وقت حتى يتحول ثقل الاقتصاد العالمي إلى الشرق. وبات من المسلم به أن الاعتماد على تصدير مادة أولية واحدة، لم يعد قادراً على إسعاف دول النفط وضمنها دول مجلس التعاون لمواجهة أخطر أزمة، وهي عجز سوق العمل لديها عن استيعاب القادمين إليها، وعجز المالية العامة لديها عن خلق فرص عمل حتى تلك الوهمية، مما يتطلب مواجهة علاجية من أجل ضمان الاستقرار في المستقبل.