يبدو أن عام 2019 يحمل بين طياته عودة تراجع النمو الاقتصادي العالمي، حسب بعض التقارير الدولية التي تشير الى احتمال حدوث انكماش اقتصادي عالمي قد يؤثر بشكل مباشر على أسعار الطاقة كالنفط والغاز.وفيما ترجح بعض الآراء أن يؤدي الركود إلى انخفاض الطلب على النفط الخام والغاز الطبيعي المسال؛ فإن من شأن ذلك ازدياد احتمالية تراجع أسعارهم.
توقعات متشائمة
وتشير التوقعات المتشائمة إلى أن السيناريو الأسوأ على الاطلاق سوف تتعرض له أسواق الغاز جراء ذلك التراجع الاقتصادي المتوقع، وحدوث انكماش اقتصادي كبير في 2020 أو 2021، وأن أسعار الغاز قد تنخفض على نحو أوسع بحلول عام 2025.وبالنسبة إلى الغاز المسال تحديدا، أوضح التقرير أن 2019 سيكون عام العرض الفائض من إمدادات الغاز الطبيعي المسال، وهو ما سيشكل في الأغلب وضع السوق على المدى الطويل.ووصف بعض المحللين الحالة المزاجية في سوق الغاز الطبيعي المسال في العام الحالي 2019 بأنها ستكون حالة مختلطة، حيث تستعد السوق لسنة قياسية في الإمدادات من حيث نمو الإنتاج وتعدد المشروعات الجديدة.وألمح تقرير متخصص إلى بروز احتمالية انخفاض أسعار الغاز المسال في ضوء ضعف نمو الطلب، خاصة في آسيا، مقارنة باتساع الإمدادات من دول عديدة، حيث سيتعين على أوروبا بشكل عام وشمال غرب أوروبا على وجه الخصوص، استيعاب هذا الفائض تحديدا خلال فصل الصيف.زيادة المعروض
ولعل زيادة المعروض من الغاز، والذي سيفوق الطلب خلال هذا العام قد يؤدي إلى إشعال المنافسة مع إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب، وبالتالي سيكون هناك المزيد من الضغط على الأسعار.بيد أن بعض الخبراء يرون أن زيادة مستوى العرض من الغاز لن يؤدي إلى الإضرار بالسوق، كما يتصور البعض، وسيكون التأثير قاصرا على تراجع محدود في الأسعار، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن متوسط الأسعار خلال العام قد يسجل 8.5 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية «22.68 مترا مكعبا» مقابل 10.3 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2018.ويشدد الخبراء على أهمية دور الأحوال الجوية في التأثير بصادرات وتجارة الغاز المسال العالمية، منوهين الى ضرورة مراقبة تطورات الطقس خلال الربع الأول من العام الحالي، إذ يمكن أن تؤدي نهاية معتدلة للشتاء إلى ضخ مزيد من صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وبالتالي دفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض.عام قياسي
ويضيف الخبراء أنه «على الرغم من استعادة توازن السوق العالمية في مجال الغاز الطبيعي المسال، إلا أن 2019 قد يكون عاما قياسيا فى نمو الإمدادات، التي قد تتضاعف ثلاث مرات مقارنة بالأعوام الماضية».ويشير أحد التقارير إلى وجود عديد من المشروعات الواعدة في كل من روسيا والولايات المتحدة وبابوا غينيا الجديدة وأستراليا ونيجيريا التي ستقود الإمدادات الوفيرة في عام 2019.ويؤكد بعض المتخصصين أن الصين ستظل أكبر مصدر لنمو الطلب على الغاز الطبيعي في السوق العالمية، على الرغم من حدوث بعض التباطؤ الاقتصادي، لافتين إلى أن التركيز الصيني يهدف حاليا الى سرعة التحول من الفحم إلى الغاز وتوفير البنية التحتية الملائمة لهذا الهدف.نمو الطلب في الصين
وفي غضون ذلك توقع تقرير تباطؤ نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي عموما في عام 2019 بنحو 40-45 في المئة عن المستوى الذي شهدناه في عامي 2017 و2018، لكن نمو الطلب في الصين سيظل مرتفعا بنحو 20 في المئة. ولفت التقرير، في الوقت نفسه، إلى إعلان الصين سلسلة من سياسات الغاز استهدفت زيادة الاعتماد على الواردات من الغاز المسال.ضرائب على الفحم
ولفت التقرير أيضاً الى أنه في كوريا الجنوبية سيتم طرح خطة جديدة للكهرباء في عام 2019، مشيرا إلى أن هذا قد يدفع إلى مزيد من الأخذ بفرض ضرائب أعلى على الفحم المستورد، وجعل القيود المفروضة على محطات الفحم القديمة في العام الماضي أكثر إرهاقا.وأضاف: «في اليابان قامت معظم المؤسسات المالية في البلاد بتشديد معايير الإقراض لمشاريع الفحم الجديدة، بينما في الهند نجد خطة للحفاظ على البيئة تستهدف تقليص الاعتماد على الفحم بنسبة 20 إلى 30 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة».وبناء عليه، فإن بعض الآراء ترى أنه إذا تم تنفيذ الخطة بصرامة، فقد يجبر ذلك الهند على إغلاق محطات الفحم القديمة الملوثة، منوهين إلى أنه في ألمانيا ستقوم لجنة الفحم بنشر توصياتها بشأن توقيت التخلص التدريجي من الفحم في الشهر المقبل، مرجحين أن التخلص التدريجي الأولي يمكن أن يبدأ في عام 2022.وأوضحت تقارير أن هناك تحديات أخرى مثل الطلب المستقبلي غير المؤكد في الصين، وتأثير العقوبات في صادرات الخام الإيرانية، وكلها أمور سيجد قطاع الطاقة العالمي أنه مضطر إلى التعامل مع هذه التحديات واسعة التأثير بقوة، وخاصة التي لا تتعلق مباشرة بالنفط والغاز.دول الخليج
ويبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تعتبر مثالا واضحا على نوع التطورات الجديدة في السوق، التي تمثل تحديا لجهود «أوبك» والمستقلين للحفاظ على توازن سوق النفط العالمية.وعلى خلفية هذه التطورات العميقة التي لا يمكن التنبؤ بها في الغالب لا يمكن لمنتجي النفط والغاز في الشرق الأوسط تجاهل الاستثمار في المستقبل. ويشير خبراء الى أنه «على الرغم من التغييرات العديدة على مسرح الطاقة في العالم يبقى مجلس التعاون الخليجي منتجا رئيسيا للنفط والغاز، وهو الدور الذي سيستمر في لعبه لسنوات عديدة مقبلة».