فاقد الشيء لا يعطيه
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
الفساد يعني – كما نكرر في هذه المقالات – غياب حكم القانون، بمعنى غياب المساواة والعدالة في إدارة الدولة، وإذا كان لدينا "شبه ديمقراطية مضحكة" فهذا لا يعني وجود حكم القانون، فدول مثل أميركا اللاتينية مثلاً، أكثر منا ديمقراطية وتسبقنا بأشواط، لكن حكم القانون ليس كما هو في الدول الأوروبية، وجرعتها (دول أميركا اللاتينية) من الفساد المالي والإداري كبيرة، لكن ليس بحجم ما عندنا أو عند شقيقاتنا العربيات، التي علينا أن نصمت عن فساد أنظمتها وبطشها تحسباً من المساءلة القانونية في بلد الحريات.الفساد الذي يضرب عرض الحائط بالقواعد الدستورية والقانونية المكتوبة، والتي أكثرها مجرد واجهة شكلية لمظاهر الدولة الحديثة، يعني وضع الإنسان غير المناسب في العمل الحكومي، هو تجاوز المخلص من أجل صاحب الواسطة،، هو المحسوبية، هو الإنسان الجاهل، أو المتقبل للرشوة، هو المسنود من عضو مجلس أمة أو شيخ أو متنفذ كبير ولا يمكن محاسبته... وكل الأمور التي تنخر وتهدم حكم القانون.مع حال هذه السلطة المسؤولة واستقرار الفساد في جل هياكل الدولة، لا ينفع التمنيات عن "وجود أناس شرفاء" (حسب تصريح هند الصبيح السابق) يخففون من حجم الدمار لحاضر ومستقبل الدولة، ولا تجدي معه ثرثرة المقالات والتحليلات الصحافية وتطمينات الساسة، هو سرطان منتشر ومتوطن ولا علاج له بغير هدم كل هياكل الإدارة واجتثاثه من عروقها، وهذا ليس بيد هذه السلطة السياسية، ففاقد الشيء لا يعطيه.