وجهة نظر : حتى لا نندم لإهمالنا قطاع التأمين
في يوليو 2018، طبقت الإدارة العامة للمرور مواد قانون المرور المتعلقة بقبول أطراف الحوادث المرورية البسيطة بأمر الصلح، إذ يستطيع المتسبب في الحادث أن يسدد 20 دينارا غرامة في المخفر، ويقر بالخطأ ويرسل أمر الصلح إلى شركة التأمين، ليتسلم المتضرر التعويض المالي دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء. هذا القرار أجبر شركات التأمين على السداد الفوري للتعويضات، فلم تتمكن من استثمار الأموال المتحصلة من أقساط التأمين، لأن ما يتم تحصيله من أموال ناتجة عن بوالص تأمين تحول إلى تعويضات للمتضررين، بعد أن كانت تستثمر لسنوات حتى صدور الأحكام القضائية. ومنذ أن وزعت الحكومة على شركات التأمين مسودة مشروع قانون بشأن تنظيم قطاع التأمين والإشراف والرقابة عليه، قبل 10 سنوات تقريباً، لم يطرأ أي تعديل على هذا المشروع الذي أبدت شركات التأمين ملاحظاتها عليه وسلمتها لوزارة التجارة والصناعة، إلا أن الأخيرة دفنته في الأدراج دون إبداء الأسباب طوال تلك السنوات. وفي كل مرة يثار فيها مشروع قانون التأمين هذا، يقوم أحدهم بإطلاق مقترح ينوي إدخاله على القانون، كأن يوصي بنقل الرقابة على قطاع التأمين من وزارة التجارة والصناعة إلى هيئة أسواق المال، أو إلى بنك الكويت المركزي. وعلى الرغم من أننا نتفق معهم في ضرورة تحديد جهة ضليعة في العمل التأميني للرقابة على هذا القطاع، فإن أولويات التأمين الحالية تتمثل بإصدار القانون وبإعادة النظر في القوانين المرورية المتعلقة بالتأمين، لا بإلغاء رقابة وزارة التجارة على شركات التأمين، وسوف تكون لنا وقفة في مقالتنا المقبلة، إن شاء الله، لنتطرق فيها إلى دور وزارة التجارة والصناعة في قطاع التأمين.
الغريب في مقترحات قوانين التأمين أن بعض نواب مجلس الأمة دأبوا، خلال السنوات الثلاث الماضية، وتحديداً في يناير من كل عام، على تقديم مقترحات تتعلق بقطاع التأمين، دون الرجوع إلى أصحاب الشأن في القطاع، كالاتحاد الكويتي لشركات التأمين مثلاً، للتعرف على مطالب شركات التأمين، أو على الأقل إجراء بحث ميداني لمعرفة المشاكل الحقيقية لهذا القطاع، قبل التقدم بـ»حيا الله» أي مقترح بقانون قد يتعرض لتعديلات جذرية بمجرد صدور مرسوم العمل به. أما بخصوص القرارات المرورية ذات الصلة بالتأمين، فيبدو أن من يصدرها لا يملك خبرة في كيفية عمل هذا القطاع، ولا يعرف كيف تدار الأمور المالية في هذا المرفق الاقتصادي الحيوي، وإلا لما أطلق سراح مواد القانون المروري المتعلق بأمر الصلح في الحوادث المرورية البسيطة، ولما أصدر قراراً يجبر شركات التأمين على الالتزام بسعر موحد لبوالص التأمين ضد الغير لكل عملاء شركات التأمين، فتساوى الملتزم بالقوانين المرورية مع المستهترين من قائدي المركبات، في دفع نفس المبلغ لإصدار بوليصة التأمين في البداية، ولتنتهي البوليصة بأن يكون المستفيد الأكبر من التعويض هو المستهتر. وقد نمى إلى علمنا أن الاتحاد الكويتي لشركات التأمين كان أرسل عدة خطابات إلى قيادات وزارة الداخلية تدعوهم إلى عقد اجتماع موسع مع قيادات شركات التأمين الكويتية، لمناقشة بعض القرارات المجحفة بحق هذه الشركات قبل إصدار قانون التأمين الجديد، وللاطمئنان إلى أن جميع ملاحظات شركات التأمين قد أخذت بعين الاعتبار وأدرجت في هذا القانون، إلا أن أحداً لم يعر هذه الخطابات أي اهتمام. فهل تستمع أجهزة الدولة المعنية بالتأمين في الكويت إلى هذا النداء، أم أن اتحاد التأمين سيبادر بنشر إعلان يدعو جميع هذه الجهات إلى اجتماع تاريخي لوضع حد لضياع قطاع التأمين بين تحديد مسؤولية الرقابة وغياب القانون؟!* رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة غزال للتأمين