بدعوة كريمة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب شاركت يوم الثلاثاء الماضي، بصفتي مديراً لتحرير مجلة العربي في احتفالية مرور ستين عاما على انعقاد الدورة الرابعة لمؤتمر الأدباء العرب في ديسمبر 1958م، وقد شاركت بورقة عمل تحمل عنوان هذا المقال نفسه.لقد جاءت استضافة دولة الكويت للمؤتمر الرابع لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في ديسمبر 1958 كتعبير قوي عن تطلعات ذلك البلد العربي في إعلان وجوده على الساحة الثقافية العربية، وانعكاس واضح للرؤية الثاقبة لقيادته التي وضعت الشأن الثقافي ضمن متطلبات تأسيس الدولة الحديثة التي أُعلن استقلالها بعد سنوات قليلة في عام 1961م.
ولم يكن هدف الكويت من ذلك المؤتمر انعقاد الحدث فقط، لكنها أرادت الإعلان عن نواياها الجادة تجاه رعاية العلوم والآداب والفنون، وأن الثقافة لن تكون قطعة ديكور في بناء دولة الكويت العصرية، بل ستكون ركناً أساسياً ثابتاً فيها، وقد تم تكريس ذلك من خلال المادة (14) من دستور دولة الكويت: "ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي".لقد استطاعت الكويت بفضل تضافر جهود الدولة مع نخبة من الأدباء والمثقفين الكويتيين إقناع اتحاد الأدباء العرب بعقد مؤتمرهم الرابع بعد بيروت ودمشق والقاهرة على أرض لم تكن على خريطة المراكز الثقافية التقليدية، وعندما أتت الوفود العربية المشاركة في المؤتمر الرابع وجدوا العدد الأول من مجلة العربي بانتظارهم متضمنا في افتتاحية رئيس تحريرها الأول الدكتور أحمد زكي، جميع الطموحات بأن يكون للثقافة العربية مجلة تجمعهم، وهذا ما كان.وعندما أخذت مجلة العربي طريق صعودها المتسارع نحو القمة تكونت في وعي متابعيها قناعة راسخة بأن الفصل بين سياسة من يمول وسياسة هيئة التحرير أمر يمكن تحقيقه في وطننا العربي، كما أنها نجحت في بناء مدرسة صحافية متكاملة لا تحمل همّ الأرباح والخسائر بسبب دعم الدولة لها، قوامها الوسطية والانفتاح على الآخر من خلال مادة ثرية تغطي جميع فروع المعرفة. في الختام يبقى الحدث الثقافي الأبرز في الكويت عام 1958 هو انعقاد الدورة الرابعة لمؤتمر الأدباء العرب، ومن خلاله استطاعت تأكيد حضورها على الساحة الثقافية العربية.
مقالات
الأغلبية الصامتة: أول الغيث... مجلة
24-01-2019