مصممة الدُّمى المصرية غادة إبراهيم: فن العرائس لا يحظى باهتمام عربي ويوشك أن يندثر
ظلت تحلم بالعيش في محل لبيع الدمى، لا لشيء سوى أن تستمتع بعالم من الخيال الجميل في أحضان العرائس التي تعشقها، وحين كبرت التحقت غادة إبراهيم بكلية التربية الفنية، ولاحقاً بدأت تتعلم فن صناعة العرائس وأتقنته وبرعت فيه إلى أن صارت واحدة من أشهر الفنانين التشكيليين المتخصصين في صنع الدمى في مصر، ولا يزال في جعبة أحلامها الكثير. نتعرف إليها أكثر من خلال الحوار التالي.
متى بدأت علاقتك بالعرائس؟بدأ عشقي للعرائس منذ طفولتي. أول صديقة لي كانت عروستي، كذلك أنني منذ طفولتي أعشق الرسم والأعمال اليدوية، وكنت أصنع من الجوارب عرائس لألعب بها، ثم بعدما كبرت وأنهيت دراستي في كلية التربية الفنية عملت Animator (رسامة رسوم المتحركة)، في قناة النيل للأسرة والطفل، قبل أن أبتعد عن المجال بسبب زواجي وبُعد المسافة بين مكان سكني وعملي. لكنني زينت منزلي بأعمالي اليدوية، ومنذ نحو سبع سنوات شاهدتُ مقطع فيديو لتعليم طريقة صنع الدُمى التي تُباع في متاجر لعب الأطفال، ومنذ ذلك اليوم بدأت رحلتي مع صناعة العرائس، وللعلم ما زلت أحتفظ بأول عروسة صنعتها.
لماذا اخترتِ هذا المجال لاحترافه؟اخترت هذا المجال نظراً إلى حبي الشديد للدمى عموماً، وللعرائس خصوصاً، فكم تمنيت أن أعيش داخل محل للدمى وما زال هذا الحلم يراودني، فأنا أصنع ما حلمت به وأحبه.إلى أي مدى أفادتك دراستك للفنون الجميلة في التميز في صنع العرائس؟إلى حد كبير. تخرجت في كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، وتعلمت فيها ألواناً مختلفة من الفنون، ما ساعدني في عملي. لكنني كما قلت تعلمت صناعة العرائس من مقاطع فيديو أجنبية.كيف كانت ردود فعل المقربين حين أنجزتِ أعمالك الأولى؟حينما صنعت أول عروسة وجدت صعوبة في الحصول على الخامات كونها لم تكن متوافرة آنذاك، كما أن مقاطع الفيديو التي كنت أتابعها كانت باللغة الإسبانية وغير مترجمة، من ثم لم أكن أعرف أسماء هذه الخامات باللغة العربية. لذا كنت أنفذ الفكرة بالخامات المتاحة والمعروفة بالنسبة إلي. ورغم ذلك نجحت، وأشاد كل من حولي بالنتيجة التي حققتها، ما دفعني إلى مواصلة المسيرة والبحث عن أماكن بيع الخامات والتعرف إلى أسمائها.. إلخ.
خطوات
ما أبرز الخامات التي تستخدمينها حالياً؟أستخدم خامات عِدة، أبرزها الفوم الملون، الذي أكويه وألصقه وأشكّله، ثم أرسم عليه. وأحياناً، أستخدم أقمشة مثل «الجوخ» أو بواقي الأقمشة لصنع الدمية وملابسها. ماذا تمثل لكِ العرائس وماذا يحقق لكِ هذا العمل من متعة؟عالم الدمى خيالي جميل، خالٍ من النفاق والكذب. عندما أصنع عروسة أشعر بأنها ابنتي وصديقتي، فأمتلئ بهجة وسعادة. ما الخطوات التي تتبعينها لتنفيذ الدمية؟إذا كانت الدمية لشخصية كارتونية أو لشخص ما أبدأ بتجميع صور لها بهدف الإلمام بتفاصيلها، ثم أجهز الفوم بالألوان التي سأستخدمها كذلك كرات الفلين لشد الفوم عليها بعد كيه بمكواة الملابس العادية. أصنع الوجه واليدين، ثم أصمم الجسم وأحشوه بالفلين، ثم أنجز القدمين، وأجمع هذه القطع لتكوين الجسم، ثم أرسم ملامح الوجه بألوان أكريليك، وأخيراً أضيف اللمسات النهائية على الدمية.شخصيات واهتمام
هل صنعت دمى لشخصيات معينة مشهورة؟بكل تأكيد، ومن بينها شخصيات فنية أثرت في طفولتي مثل «عمو فؤاد» (الفنان فؤاد المهندس)، وبكيزة وزغلول (سهير البابلي وإسعاد يونس)، ونيللي، وإسماعيل ياسين، وزينات صدقي، إلى جانب دمى شهيرة مثل فطوطة وبوجي وطمطم والعم شكشك.هل يحظى فن العرائس باهتمام في العالم العربي عموماً ومصر خصوصاً؟استخدم هذا الفن في تراثنا العربي، كدمية «الأراجوز» التي من خلالها يُروى التاريخ بأسلوب قصصي ممتع يجذب الكبار والصغار. لكن للأسف فن العرائس أوشك أن يندثر لعدم الاهتمام الكافي به، ونستطيع إعادة إحيائه من خلال عمل مكان دائم أو متحف يضم أنواعاً مختلفة من الدمى، أو إقامة معارض دولية لعرض دمانا العربية بدلاً من الاحتفاء بالدمى الغربية الدخيلة على ثقافتنا.الهوية العربية
حول مشاريعها الفنية التي تعمل عليها، تقول غادة إبراهيم: «أركِّز راهناً على صناعة دمى تعكس الهوية العربية، ليتعرف أبناؤنا إلى شخصيات عربية أثرت في تاريخنا».
أصنع دُمى تعكس الهوية العربية وتعلم أبناءنا التاريخ