تمسك «سني ـــ كردي» بالوجود الأميركي العسكري في العراق
أربيل تحقق في إحراق المعسكر التركي وبغداد تحتج لدى أنقرة... واتهامات تركية لـ «العمال الكردستاني»
مع تصاعد المطالبات، التي تقودها قوى شيعية عراقية لإخراج القوات الأميركية من البلاد، برز أمس موقف سني- كردي متمسك ببقاء هذه القوات، في حين أعادت حادثة إحراق المعسكر التركي بدهوك فتح ملف حزب العمال الكردستاني.
فيما بدا أنه رد فعل سني- كردي على تصاعد المطالبات التي تقودها قوى شيعية لإخراج القوات الأميركية من العراق، وغداة انتشار قوات أميركية في الفلوجة بمحافظة الأنبار غرب العراق، في إطار التحركات الأميركية المتزايدة قرب الحدود الغربية، تمهيداً للانسحاب بالكامل من سورية، دافع نواب من الأنبار وحكومة إقليم كردستان العراق عن الوجود العسكري الأميركي في مناطقهم.وكان تكتل "الإصلاح"، الذي يتزعمه عمار الحكيم، ويدعمه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، تقدم أخيراً بمشروع قانون لإنهاء العمل باتفاقين مع واشنطن يسمحان لها بالبقاء في العراق. وقالت مصادر عراقية، إن تحرك الحكيم- الصدر، جاء لقطع الطريق أمام مشروع قانون أشد حزماً يعمل تحالف "البناء" بزعامة هادي العامري المقرب من إيران على صياغته، ويهدف إلى عدم السماح لواشنطن بإبقاء موطئ قدم في البلاد.
في هذا السياق، أثنى النائب عن محافظة الأنبار فالح العيساوي، أمس، على وجود القوات الأميركية في المناطق الغربية، مؤكداً أن وجودها شرعي وفق الاتفاقية الأمنية المبرمة بين واشنطن وبغداد.وشدد العيساوي على "اننا كممثلين للمكون السني والمحافظات التي اجتاحها تنظيم داعش، مع وجود قوات التحالف الدولي بالعراق، خشية عودة داعش إلى مناطقنا"، مؤكداً "ضرورة التعامل مع القوات الأميركية على أساس المصالح المشتركة وليس كعدو لنا".بدوره، أكد عضو مجلس محافظة الأنبار، عيد عماش الكربولي، أمس أن "وجود القوات الأميركية ضروري للعراق في الوقت الراهن، لما تقدمه من دعم لوجستي كبير، وتدريب القوات العراقية وتأهيلها لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها من قبل عصابات داعش".وأضاف أن "التنظيم مازال يشكل تهديداً على أمن العراق، حيث تنتشر عناصره في صحراء الأنبار، وتحاول استغلال أي خرق أمني لشن هجمات مسلحة ضد القوات الأمنية والمناطق الآهلة بالسكان".وفي أربيل، أكد نيجيرفان البارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، أمس، أن الوجود العسكري الأميركي في العراق ضروري لمساعدة القوات الأمنية، طالما بقي خطر "داعش" قائماً.وقال البارزاني: "نحن في حكومة إقليم كردستان نرى أن وجود القوات الأميركية في العراق ضروري لمساعدة القوات الأمنية، مادام داعش باقياً في البلاد"، مبينا أن "هذا الوجود مرتبط بمصلحة العراق".إلى ذلك، عاد ملف الوجود العسكري لحزب "العمال الكردستاني" (بي كا كا) في العراق إلى الواجهة، عقب قيام أكراد غاضبين بإحراق معسكر تركي في ناحية شيلادزي بقضاء اميدي شمال شرق محافظة دهوك.وكان المتظاهرون الأكراد اقتحموا القاعدة التركية، وأحرقوا بعض المعدات والآليات العسكرية، واستولوا على بعضها الآخر، في تصعيد تمت تهدئته بعد تدخل من قوات "البيشمركة" التابعة لإقليم كردستان العراق، وذلك عقب تشييع قتيلين مدنيين سقطا بقصف تركي. ويثير ملف الوجود العسكري لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق تعقيدات على أكثر من مستوى. وبينما تجد بغداد نفسها عاجزة عن معالجة هذا الملف، تعتبر تركيا أن الحزب يعيد تنظيم نفسه وخلاياه لشن هجمات داخل أراضيها. وهناك خلافات حزبية كردية بين الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، الذي يتزعمه مسعود البارزاني، والذي توصل الى تفاهمات كبيرة وتاريخية مع أنقرة، وبين "العمال الكردستاني" الذي تتهم بعض اجنحته بالعمل مباشرة مع إيران، ولها علاقات وثيقة مع "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني. وأعربت وزارة الخارجية العراقية عن إدانتها لقيام القوات التركية بتفح نيرانها على المتظاهرين، ما أدى الى مقتل متظاهر وإصابة آخرين، كما شجبت قيام الطيران العسكري التركي بعد ذلك بالتحليق على ارتفاعات منخفضة، "ما أثار الذعر بين المواطنين".وأمس سلمت الخارجية العراقية السفير التركي لدى بغداد مذكرة احتجاج على الحادث، مطالبة بعدم تكراره، وشددت على أن "سيادة العراق وأمن مواطنيه في المقام الأول ضمن مسؤوليات الحكومة العراقية"، وأكدت "إدانة العراق الثابتة لأي تجاوز على أمنه وسيادته، أو استخدام أراضيه للاعتداء على أمن وسلامة أي من دول الجوار".
«الخارجية البرلمانية»
ودعت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، أمس، حكومتي بغداد وإقليم كردستان لدراسة الوضع، واخراج القوات غير العراقية من أراضي البلاد، مشددة على ضرورة فتح حوار مع تركيا، لضمان عدم استمرار القصف. ووجهت الرئاسة التركية أصابع الاتهام الى حزب "العمال الكردستاني" بالوقوف وراء ما اسمته "اعتداء" على قاعدتها العسكرية، وقال رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخرالدين ألطون، إن "المعتدين اندسوا بين المدنيين، بهدف تعكير صفو العلاقات بين الجيش التركي والأهالي"، وشدد على أن "تركيا مصممة على مواصلة التعاون الوثيق مع أهالي محافظة دهوك".كما أكدت وزارة الدفاع التركية: "تعرض قاعدة عسكرية تركية شمال العراق لاعتداءات من قبل أشخاص تم تحريضهم من قبل تنظيم حزب العمال الكردستاني". من ناحيتها، قالت حكومة إقليم كردستان إنها تجري تحقيقاً في ملابسات الحادث، وقالت في بيان: "نعبر عن قلقنا وحزننا من جراء وقوع خسائر في الأحداث التي شهدتها منطقة شيلادزي، كما نعرب عن تعازينا وتعاطفنا مع ذوي وعائلات الضحايا". وأضافت: "هناك أياد تخريبية وراء هذه الأحداث، لذا فإن الأجهزة المعنية تجري تحقيقات دقيقة لمعاقبة المخربين ومن تسببوا في إثارة الشغب".وأمس أكد رئيس وزراء إقليم كردستان، نيجيرفان البارزاني أن أربيل "ترفض استخدام أراضي الإقليم لزعزعة أمن دول الجوار". وأعلنت وزارة الخارجية التركية، أن الوزير مولود جاويش أوغلو بحث هاتفياً مع البارزاني حول "حادث شيلادزي".هجوم الشرقاط
على صعيد آخر، قتل 4 رجال شرطة، وأصيب آخرون بجروح، أمس، في انفجار عبوتين ناسفتين استهدف مركزا أمنيا عند مدخل قضاء الشرقاط، الذي يبعد 250 كيلومترا إلى شمال بغداد، وكان معقلا لتنظيم "داعش" في السابق قبل تحريره في في سبتمبر 2017.ورغم إعلان بغداد في ديسمبر 2017 "النصر" على "داعش" مازال الجهاديون قادرين على شن هجمات متفرقة وعمليات خطف واغتيال، خصوصا في محافظتي صلاح الدين وكركوك شمال بغداد.
مقتل 4 شرطيين بانفجار مزدوج في الشرقاط