قال الخبير النفطي محمد الشطي، إن تباطؤ أداء الاقتصاد في العالم قد يسهم كثيراً في خفض معدل تنامي الطلب العالمي على النفط، ويعتمد ذلك على حجم التباطؤ والدول التي يشملها، وطبعاً إذا كان هناك ركود اقتصادي فسيكون التأثير أكبر، وبقدر الاختلال ستتأثر أسعار النفط الخام، لذا يتوقع المراقبون أن تكون مستويات الأسعار خلال عام 2019 أقل مما كانت في عام 2018. وأضاف الشطي، أن أي ركود اقتصادي أو تباطؤ في أداء الاقتصاد العالمي أو في الأسواق الواعدة بلا شك من شأنهما تقليص حجم الطلب على النفط، ومعه الحاجة إلى استيراد النفط على العموم، وهو تطور يضغط على أسعار النفط ويمنعها من التعافي والارتفاع.
الاتفاق الحالي
وأوضح أن الاتفاق الحالي لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بدأ فعلياً هذا الشهر، لافتاً إلى اجتماع أيضاً في شهر أبريل، ثم اجتماع آخر في شهر يونيو مما يسمح بمتابعة السوق النفطي ومراقبة تطورات السوق ومدى تحقق التوازن أو التوقيت، بالتالي الوصول إلى نتيجة ما إذا كان الخفض المتفق عليه وهو 1.2 مليون برميل يومياً كافياً أم أن السوق بحاجة لمزيد من الخفض، مشيراً إلى أن تصريحات وزراء النفط في السعودية والإمارات وروسيا أعطت ضمانات للسوق بإمكانية زيادة الخفض إذا احتاج السوق لذلك. ورأى الشطي أنه لابد من الانتباه إلى أن السمة الغالبة على أسواق النفط هي تقييد الإنتاج بشكل كبير، سواء من إيران أو فنزويلا أو «أوبك» أو دول تحالف المنتجين بالتالي ثبات الإنتاج يعني في الغالب أننا أمام آلية لتوازن أسواق النفط من دون الحاجة إلى زيادة.وذكر أن أي تصعيد جيوسياسي أو إجراءات حمائية تعرقل التجارة الدولية بلاشك من يؤديان إلى تقلص في الإمدادات وتذبذب الإمدادات وتقلص الإنتاج الصناعي وحركة النقل والتصدير بين الدول أو تحولها ستترك تأثيراً مباشراً على الاقتصاد وأسواق المال، بالتالي يزداد الاختلال وبما يمثل ضغوطاً على أسعار النفط.وأضاف الشطي: «ان تذبذب وتقلب الأسعار ليس في مصلحة أحد، وهذه الأجواء قد تقلص حركة صناديق التحوط، وهو أمر لا يخدم استقرار الأسواق أو الأسعار».ڤنزويلا وإيران
من جانبه، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن انخفاض إنتاج النفط الڤنزويلي، وإمكانية منع إيران من تصدير النفط سوف يؤديان إلى إمكانية انخفاض حصة النفط في الأسواق من 2 إلى 2.5 مليون برميل يومياً.وأضاف الحرمي، إنه بالفعل هناك توقعات بانخفاض معدل نمو النفط تقريباً إلى مليون برميل يومياً، مشيراً إلى أن هناك توقعات بنمو النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر أبريل المقبل ليتجاوز إنتاجه حدود 12 مليون برميل يومياً، لافتاً إلى أن النفط العربي سيكون المصدر الرئيسي للإنتاج خلال الفترة المقبلة، في حين سيزداد الاعتماد على النفط الصخري ليؤدي بدوره إلى تراجع الطلب المستقبلي على النفط. ورأى أن دور منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» انتهى، ولابد أن تقوم «أوبك بلس» (أي المنظمة إضافة إلى الدول المصدرة للنفط من خارجها) مع روسيا بدورها لأن لديها المرونة بالزيادة والنقصان والتحكم في الأسعار.النمو والنفط
من ناحيته، قال الخبير النفطي أحمد كرم، إن علاقة أسعار النفط مع معدلات النمو الاقتصادية هي علاقة طردية، أي بمعنى كلما ارتفعت معدلات النمو الاقتصادية وخصوصاً من الدول الصناعية كالصين واليابان وكوريا الجنوبية وأميركا وغيرها ارتفعت معها أسعار النفط، وهذا يأتي لزيادة في الطلب على النفط بسبب زيادة في فتح المصانع والمنشآت التجارية. وأضاف كرم: لهذا ومع انخفاض معدلات النمو الاقتصادية لبعض الدول الصناعية، سيؤثر ذلك سلباً على أسعار النفط في الفترة المقبلة، مبيناً أنه على أي حال سيكون هناك تباطؤ على نمو الطلب النفطي العالمي، وهذا سيؤثر على بعض الدول المنتجة للنفط إذ ستقل صادراتها، لكن لن تتأثر الدول الخليجية بهذا الانخفاض نتيجة وجود عقود طويلة الأمد على بيع نفوطها وبكميات محددة. وذكر أنه حتى يتحقق ما ترغب به أغلب الدول المنتجة للنفط سواء من «أوبك» أو خارجها برفع أسعار النفط لمستويات مريحة؛ عليها اتخاذ القرارات الحاسمة السريعة بزيادة تقليص إنتاج النفط للحفاظ على معدلات الطلب التي بشأنها أن تجعل من أسعار النفط تتراوح عند ٦٥ و٧٠ دولاراً. ولفت من جانب آخر إلى أن التوتر التجاري بين أميركا والصين يؤدي كذلك دوراً كبيراً بأسعار النفط حيث يؤثر عليه سلباً، ومتى ما هدأت هذه التوترات التجارية بين البلدين فستنتعش معها معدلات النمو الاقتصادية وسترتفع أسعار النفط نتيجة لزيادة الطلب عليه.الاقتصاد الصيني
بدوره، قال أستاذ التمويل في الجامعة العربية المفتوحة د. عواد النصافي، إن تباطؤ الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي حسب التوقعات سوف يؤثر على السوق العالمي لأنه يمثل الاقتصاد الثاني في السوق العالمية.الصادرات النفطية
وأضاف د. النصافي، أن هذا التأثير بطبيعة الحال سوف يؤثر على الطلب على البترول والصادرات النفطية، لكن منظمة «أوبك» لديها توجه لخفض الصادرات النفطية مما قد يحافظ على الأسعار الحالية أو ارتفاعها في حدود 70 دولاراً. ولفت إلى أن الصين واليابان تعدان من ضمن الأسواق المهمة للصادرات النفطية خصوصاً من منطقة الخليج العربي، كما أن هذه الدول من أهم الدول المصدرة للبضائع لمنطقة الخليج، والخلاف الصيني الأميركي والحرب التجارية بينهما سوف ينعكسان على أسعار السلع الصينية مما يجعلنا نشير إلى احتمال ارتفاع أسعار المستهلكين في منطقة الخليج خصوصاً في الكويت والسعودية. وقال إننا أمام مرحلة اقتصادية مهمة في الاقتصاد العالمي، ومفهوم العولمة لأن هذه الحرب التجارية سوف تؤدي بالتبعية إلى التأثير على منظمة التجارة العالمية والمفاهيم التي تحكمت بالاقتصاد العالمي خلال العقدين الماضيين، وإذا ما استمرت الحرب التجارية، فسوف تؤدي الى خروج المزيد من الشركات الأوروبية والأميركية العاملة في السوق الصيني.