استهدفت الولايات المتحدة قدرة حكومة فنزويلا على تأمين الأموال وإدارة البلاد طويلاً، في إطار صراع واشنطن الممتد مع الرئيس نيكولاس مادورو، عبر فرض العقوبات على المسؤولين وبعض قطاعات الاقتصاد وحتى العملة الرقمية الرسمية للبلد اللاتيني، بحسب تقرير لـ«بي بي سي». لكن حتى الآن، لم تلجأ واشنطن إلى ما يطلق عليه الكثيرون «الخيار النووي»، ويقصد به الحظر النفطي الكامل الذي يقوض الصناعة المسؤولة عن توليد 90 في المئة من إيرادات الحكومة، فرغم تبادل الاتهامات بين الجانبين، لا تزال مصافي التكرير الأميركية تشتري الخام الفنزويلي.
وتمتلك شركة النفط الفنزويلية الحكومية «بي دي في إس إيه» مصافي تكرير في تكساس عبر إحدى وحداتها التابعة، لكن مع تصاعد حدة الخلاف أخيراً على خلفية دعم واشنطن لزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو كرئيس مؤقت للبلاد، من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تشديد الولايات المتحدة للعقوبات.وخلال عطلة نهاية الأسبوع، فشل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في الحصول على دعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة النظام الفنزويلي، بسبب موقف الصين وروسيا الداعم لـمادورو، في حين تراجع الأخير عن مطالبة الدبلوماسيين الأميركيين بمغادرة البلاد، وقال إن البلدين أمامهما 30 يوماً للتفاوض.والآن تترقب الأسواق عن كثب الخطوة المقبلة للولايات المتحدة، فرغم الإخفاق في الحصول على تأييد مجلس الأمن، تحظى إدارة دونالد ترامب بدعم من كبار اللاعبين الإقليميين مثل البرازيل والأرجنتين وكولومبيا. وإذا صح أن واشنطن تستهدف قطاع النفط في البلد اللاتيني، فسيعني ذلك أنها تدق المسمار الأخير في نعش الصناعة التي تتكئ عليها كاراكاس، كما سيكون للأمر انعكاسات على الصعيدين الأميركي والعالمي.- ساعدت طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة على خفض أسعار الخام خلال الأعوام الأربعة الماضية (لكنها تعافت بشكل طفيف) ومع ذلك يحمل عام 2019 تحديات عدة للسلعة الاستراتيجية، ولا يوجد مؤشر واضح على المسار الذي ستسلكه.
صعوبة التنبؤ
- يصعب التنبؤ بحركة أسعار النفط، لكن هناك حالات يمكن خلالها ارتفاع الأسعار، فالإنتاج في نيجيريا وليبيا متقلب جداً، في حين تخضع إيران لقيود أميركية، بالإضافة إلى جهود دعم الأسعار التي تقودها السعودية وروسيا.- مع ذلك، هناك مخاوف من حدوث تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي، مما قد يؤدي إلى تراجع الطلب، وهو سيناريو يهدد بانخفاض الأسعار، بيد أن الأزمة الحالية في فنزويلا شكلت سيناريو آخر يراقبه محللو النفط.- هناك شعور عام في الأسواق بأن «نيكولاس مادورو» لن يتم عزله من السلطة في المستقبل القريب وأن التوترات سوف تتصاعد، وفي الوقت نفسه، يستبعد معظم المحللين استخدام الولايات المتحدة لـ»الخيار النووي» الكامل لآثاره المحتملة على الشعب الفنزويلي.- أحد أكثر السيناريوهات المحتملة، هو فرض قيود جزئية على صادرات فنزويلا من الخام إلى الولايات المتحدة، مما سيكون له عواقب على السوق الأميركي والعالمي، إذ سترتفع الأسعار نظراً إلى تحول مصافي التكرير إلى شراء النفط من مصادر أكثر تكلفة.- هذه القيود قد تعود بالنفع على بعض المنتجين في الشرق الأوسط والمكسيك، وهي دول تنتج نفس نوع النفط الخام الثقيل (تنتج كندا نفطاً ثقيلاً، لكن ليس لديها القدرة لزيادة صادراتها)، وقد استفادت هذه البلدان على مدار سنوات من تآكل حصة فنزويلا بالفعل.مزيد من التدهور
- لا شك ستكون فنزويلا أكبر الخاسرين، ورغم أنها تمتلك أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم، لكنها تفتقر للموارد المالية اللازمة لإجراء عمليات التنقيب والتطوير لاستخراج الخام من الأرض وضخه إلى الأسواق.- في أواخر التسعينيات، كان إنتاج فنزويلا من النفط يتجاوز 3 ملايين برميل يومياً، قبل أن يتراجع حالياً إلى قرابة المليون برميل وفقاً للخبراء، الذين يتوقعون استمرار انخفاض الإمدادات الفنزويلية بفعل نقص الاستثمارات.- تشير توقعات المحللة لدى «آر بي سي كابيتال ماركتس، «هليما كروفت»، إلى انخفاض يتراوح قدره بين 300 ألف إلى 500 ألف برميل يومياً دون فرض عقوبات إضافية على الحكومة الفنزويلية هذا العام.