قالت "التمييز" في حيثيات حكمها البارز، الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن قانون البلدية رقم 33 لسنة 2016 يعتبر ناسخاً لقانون البلدية رقم 5 لسنة 2005 ومن ثم فلا عقاب على المتهمين لأن النص الجديد الوارد بقانون البلدية الجديد يتطلب تحقيق نتيجة لإدانة المتهمين بهلاك العقار وانهياره لمحاسبة المتهمين بعكس القانون السابق ومن ثم فإن المحكمة تطبق القانون الجديد لأنه قانون أصلح للمتهمين.
تشريع ناسخ
وأكدت محكمة التمييز في حكمها أن المادة 34 / 3 من القانون رقم 5 لسنة 2005 بشان بلدية الكويت التي تمت إدانة الطاعنين بها قد نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من المقاول والمهندس المشرف على تنفيذ أعمال البناء المسندة إليه بطريق الغش، مما يؤدي إلى هلاك البناء كلياً أو جزئياً، ومفاد ذلك أن مناط العقاب في تلك الجريمة رهن بتوافر أركانها ومنها النتيجة، وهي أن يكون الفعل مما يؤدي إلى هلاك البناء كلياً أو جزئياً، وكان قد صدر من بعد وبتاريخ 4/7/2016 القانون رقم 33 لسنة 2016 بشان بلدية الكويت والذي عمل به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 21/7/2016 ونص في المادة 52 على إلغاء القانون رقم 5 لسنة 2005 بشأن بلدية الكويت، كما نص في الفقرة الثانية من المادة 39 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات كل من المقاول والمهندس المشرف على تنفيذ أعمال البناء إذا نفذ بطريق الغش وأدى ذلك إلى هلاك البناء كلياً أو جزئياً بما يعني أن تلك المادة المذكورة اشترطت لاكتمال البيان القانوني للجريمة أن يكون الفعل المسند إلى الطاعنين أدى فعلياً لهلاك البناء كلياً أو جزئياً ويعد تشريعاً ناسخاً لما كانت تنص عليه المادة 34 / 4 من القانون رقم 5 لسنة 2005 المار ذكره، والتي كانت تنص على أن يكون الفعل مما يؤدي إلى هلاك البناء جزئياً أو كلياً وهو الركن المفترض في الجريمة التي عوقب عنها الطاعين الامر الذي يخرج الواقعة المنسوبة اليهم عن نطاق المسؤولية الجزائية.قاعدة شرعية
وبينت المحكمة أنه لما كان ذلك، وكان الأصل عملاً بالمادتين 179، 32 من الدستور والمادة الرابعة عشرة من قانون الجزاء ألا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها وأن مبدأ عدم جواز رجعية الأحكام الموضوعية لنصوص القوانين الجزائية مستمداً من قاعدة شرعية الجريمة والعقاب التي تستلزم أن تقتصر على عقاب الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها فإنه يخرج عن هذا النطاق القانون الأصلح للمتهم وهو ما قننته المادة الخامسة عشرة من قانون الجزاء من أنه إذا صور بعد ارتكاب الفعل وقبل أن يحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم وجب تطبيق هذا القانون دون غيره.القانون الأصلح
وأوضحت المحكمة أن من المقرر أن القانون الأصلح للمتهم هو الذي ينشئ له من الناحية الموضوعية لا الإجرائية مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم بأن يلغي الجريمة المسندة إليه أو بعض عقوباتها أو يخفضها أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسؤولية الجزائية أو يلغي ركناً من أركان الجريمة، فيكون من حق المتهم في هذه الحالات واستناداً إلى تغيير سياسة التجريم والعقاب إلى التخفيف أن يستفيد لصالحه من تلك النصوص الجديدة من تاريخ صدورها ومفاد ذلك تطبيق القانون رقم 33 لسنة 2016 بشان بلدية الكويت على الدعوى الراهنة وكانت الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته تخول لمحكمة التمييز أن تمييز الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى.هلاك المبنى
ولفتت المحكمة إلى أنه كان ذلك وكان القانون الأصلح المذكور قد صدر بعد الحكم المطعون فيه وقبل ان يفصل في الدعوى نهائياً، ومن ثم فهو يسري على واقعة الدعوى مما يتعين معه تمييز الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين والنيابة العامة وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه.وقالت المحكمة إن الحكم المستأنف قد دان المتهم الأول بجريمة تنفيذ أعمال بناء بطريق الغش مما يؤدي إلى هلاك البناء جزئياً أو كلياً ودان المتهمين الثاني والثالث بالإشراف على تنفيذ أعمال ذلك البناء وعاقبتهما بموجب المادة 34 / 4 من القانون رقم 5 لسنة 2005 بشأن بلدية الكويت، وكانت هذه المحكمة قد خلصت من قبل وعلى النحو السالف البيان إلى أنه قد صدر قانون أصلح للمتهمين اشترط وجوب هلاك المبنى جزئياً أو كلياً وهو ما لم يتحقق في الدعوى الراهنة مما يخرج الواقعة المنسوبة للمتهمين عن نطاق التأثيم مما يتعين معه والحال كذلك إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المتهمين من الاتهام المسند إليهم عملاً بالمادة 209 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.أصول هندسية
وكانت النيابة قد وجهت إلى المتهمين الأول وهو منوط بأعمال مقاولة بتنفيذ أعمال بناء العقار "الفيلا" المملوكة للمجني عليه بطريق الغش، مما أدى إلى وجود العيوب المبينة بالأوراق، والتي تؤدي إلى انهيار جزئي للمبنى ويصبح غير صالح للسكنى في حالة اكتماله على النحو المبين بالتحقيقات.فيما بينت أن المتهمين من الثاني إلى الرابع وهم منوط بهم الإشراف على تنفيذ البناء موضوع التهمة الأولى بالعقد المبرم بين المجني عليه والمتهم الثاني ارتكبوا غشاً بأن لم يراعوا الأصول الهندسية في الإشراف على تنفيذ البناء من قبل المتهم الأول المقاول المنفذ مما أدى إلى وجود عيوب إنشائية للهيكل الخرساني للمبنى تؤدي في حالة اكتمال التشطيبات إلى انهياره ويصبح غير صالح للسكنى، وذلك حال كون المتهم الثاني صاحب شركة للاستشارات الهندسية والثالث مهندس مشرف على التنفيذ والرابع مراقب تنفيذ على النحو المبين.وكانت محكمة الجنايات قضت بجبسهم ثلاث سنوات في حين قررت الاستئناف بتقرير الامتناع عن عقابهم وعرض الطعن على محكمة التمييز.