أحمد الملواني: فكَّرت في اعتزال الأدب
• حاز جائزة ساويرس الثقافية في الرواية
كاد الروائي المصري أحمد الملواني أن يعتزل الكتابة الأدبية، لولا فوز روايته الرائعة «الفابريكة» قبل أيام بالمركز الأول كأفضل رواية في جائزة «ساويرس» الثقافية، لعام 2019، هكذا اعترف الأديب الشاب في حوار أجرته معه «الجريدة»، مضيفاً أنه لم يتوقع حصد المركز الأول. إلى نص الحوار.
ماذا تمثل لك جائزة ساويرس؟
إنها جائزة كبيرة، وربما هي أكبر جائزة في مصر تمنح للأدباء الشباب، وللكتب المنشورة عموماً. جائزة لها صدى إعلامي ممتاز، ويمكن أن تضيف قيمة ترويجية إلى العمل الفائز، بالإضافة طبعاً إلى قيمتها المادية الكبيرة، وهو أمر جيد للأديب الذي يبذل كثيراً من الجهد والوقت في عمل غير مربح للأسف. شخصياً، فوزي بجائزة كبيرة مثل «ساويرس» في هذا التوقيت يشكِّل دفعة قوية جداً بالنسبة إليّ لمواصلة عملي الإبداعي، بعدما كنت أفكر جدياً في اعتزال الكتابة الأدبية بسبب الأزمات التي أراها تضرب صناعة الكتاب في مصر، لكنني عدت إلى الكتابة من جديد بحماسة بمجرد إعلان اسمي ضمن القائمة القصيرة.
هل توقعت أن تحصد «الفابريكة» جائزة بعد الأصداء الطيبة التي حققتها منذ صدورها؟
كنت أعتقد أن لدى الرواية فرصة طيبة للوصول إلى القائمة القصيرة، لكنني لم أكن أتوقع الفوز بالمركز الأول، خصوصاً أن الروايات الأربع المتنافسة تحقق أيضاً أصداء طيبة جداً منذ صدورها.قراءة التاريخ
تتراوح أجواء الرواية بين قرية مصرية وفرنسا... إلى أي مدى يستفيد الأديب من توظيف قراءته للتاريخ في العمل السردي؟
يحتاج العمل الروائي إلى كثير من المعرفة، فالقراءة في التاريخ والفلسفة وعلم النفس والسياسة والعلوم، وفي أي مجال، تعتبر رافداً أساسياً يصب في صالح الإبداع الروائي. لكن ثمة قراءة تنتج رواية، كأن أستلهم فكرة عمل روائي من قراءة عشوائية. وثمة قراءة موجهة، ناتجة عن فكرة عمل روائي، وهي عملية بحث وجمع معلومات، وهو ما مارسته في «الفابريكة»، التي احتاجت مني جهداً بحثياً في أكثر من مجال، التاريخ تحديداً، إذ كان يجب أن أعود مثلاً إلى زمن الحملة الفرنسية، والوجود الفرنسي العسكري في صعيد مصر، وتاريخ اكتشافات الآثار المصرية، ووباء الكوليرا الذي اجتاح البلاد آنذاك، وتاريخ عالم المصريات الشهير شامبليون. هذا كله وأكثر كي أكتب فقرة أو جملة واحدة في الرواية.ما الذي يميز «الفابريكة» عن رواياتك الثلاث السابقة؟
تتميز «الفابريكة» بأن حكايتها أكثر تعقيداً وتشابكاً. فيها تفاصيل وأحداث مربوطة بخط درامي وحبكة واحدة، على عكس روايتي السابقة مثلاً «وردية فراولة» التي تضمنت شخصيات أكثر وأحداثاً أكثر، لكنها كانت تحمل شكل وحدات الحكي المنفصل. أما جمع كل هذه الأحداث والشخصيات في حبكة قوية ومحكمة، فهو عملية بالغة الصعوبة. كذلك إصراري على أن تكون «الفابريكة» عملاً بسيطاً على مستويي الأسلوب واللغة، إفساحاً في المجال تماماً للحكاية. «الفابريكة» رواية عن الحكاية، وتحتفي بالحكاية.تطوّر الإبداع
صف لنا سلم ارتقائك إبداعياً منذ صدور روايتك الأولى «زيوس يجب أن يموت»، وصولاً إلى «الفابريكة» على مستوى اللغة والتقنية؟
اللغة والتقنية أداتان في يد الروائي. يمكن أن أستخدم ما أراه مناسباً للعمل الروائي. مثلاً لا أقول إنني تطورت على مستوى اللغة، فأنا في روايتي الأولى «زيوس يجب أن يموت» استخدمت مستوى من اللغة أكثر تعقيداً من روايتي الأخيرة، لأن هذا ما كانت تحتاج إليه الرواية. كذلك على مستوى التقنية، ففي «الفابريكة» استخدمت تقنية سردية أبسط مما استخدمت في سابقتها «وردية فراولة». بالنسبة إليّ التطور الحقيقي هو على مستوى الرؤية والوعي والخبرة الحياتية، وهو ما ينعكس بالتأكيد على كتاباتي.تبدو روايات الواقعية السحرية أكثر جذباً للقرّاء حول العالم وفِي عالمنا العربي تحديداً. ما السبب في رأيك؟
ربما هو سؤال تحتاج إجابته إلى دارس للأدب وليس إلى كاتب. لكن دعني أجيب من خلال أحمد الملواني القارئ الذي يعشق قراءة الواقعية السحرية. شخصياً، أحب حميميتها وقدرتها على إعادتي إلى زمن حكايات الأطفال، و«الحواديت» الشفاهية، حيث قمة الخيال، لكننا نصدقه رغم هذا. الواقعية السحرية تقدم لنا الخيال في صيغة واقعية، فتعيدنا أطفالاً.من وجهة نظرك، ماذا ينقص الأديب العربي لحصد نوبل جديدة؟
من واقع تجربتي الشخصية، ربما الأمر الناقص هو المقدرة المادية التي تتيح له الإخلاص للأدب. ماذا تتوقع من أديب بالنسبة إليه الأدب في المرتبة الثانية بعد عمله الذي يترزق منه. وفي تاريخ الأدب المصري حكايات عن مواهب عظيمة تركت الأدب لأجل المادة. أنا شخصياً، كنت على وشك ترك الكتابة في فترة ما كي أعيل أسرتي، لأن الوقت والجهد اللذين تتطلبهما مني يمكن توجيههما إلى عمل إضافي يدر عليَّ دخلاً، والإبداع الأدبي يحتاج إلى إخلاص شديد، فكيف يتحقق هذا ما دام الأدب في الوطن العربي ليس عملاً مربحاً يمكن احترافه!رواية وسيناريوهات
حول مشاريعه في الفترة المقبلة يقول أحمد الملواني: «انتهيت من كتابة رواية جديدة، أتمنى أن تصدر خلال العام الجاري، بالإضافة إلى أكثر من مشروع في مجال السيناريو، سينمائياً وتلفزيونياً، قيد التنفيذ».