تعاظم مظاهر الفساد وانتشاره في أي بلد وداخل أي مجتمع نتائجه معلومة، وأهم سماته هي فقدان الثقة بين مكونات الشعب الناتج عن تشويه معظم قطاعاته التي تقوم بإدارة مرافق الدولة، وهو ما يؤدي حتماً إلى الفوضى، بسبب حالة عدم اليقين بأي قوانين أو نُظم، وتبدأ هذه السِّمات تنتشر عن طريق التمرُّد على النظام العام، من خلال عدم احترام قواعد المرور بالشارع وفي المؤسسات العامة، والسعي الدائم لتجاوز النظم التي تنظم علاقة المواطن بالدولة، والحصول على مكتسبات شخصية بأي وسيلة، وهذا ما يتفشَّى حالياً في المجتمع الكويتي.

الحديث الدائر في معظم المنتديات والدواوين الكويتية هو موضوع الطرق المهترئة والحصى المتطاير، وستجد معظم التعليقات تقول إن المقاولين يرشون مهندسي الطرق بالسيارات والعطايا، مقابل تمرير أعمالهم الفاسدة، وهو بالتأكيد تعميم خاطئ، وفيه تجنٍ على مهندسي المشاريع، الذين يمثل الشرفاء الغالبية الساحقة منهم، وهم يخدمون وطنهم بكل إخلاص وتفانٍ، ولكن القلة الفاسدة التي لم تُحاسب شوَّهت سُمعة الأغلبية.

Ad

وكذلك بعد الكشف عن قضية الضيافة في وزارة الداخلية كانت التعليقات تتم بشكل عام عن منتسبي الوزارة، رغم أن المتهمين يمثلون فئة محدودة من طاقم كبير يخدم البلد ويحافظ على أمنه.

وفي موضوع آخر مهم أيضاً، وهو هروب المتهمين في قضايا سرقات المال العام، تُثار أيضاً تساؤلات حول إطلاق سراح متهمين بسرقات مليونية ضخمة بكفالة، مما يتيح لهم فرص الهروب من البلاد، وهو ما يمس الصرح القضائي المميَّز في الكويت. وكذلك قضايا الفساد والرشاوى في وزارة الصحة، التي وصلت إلى قياديين كبار فيها، تزعزع الثقة والاطمئنان في القطاع الصحي الوطني... كل تلك الأحداث، وعدم الجدية في مكافحة الفساد تنخر في أهم أساسات الدول، وهي ثقة الناس في كفاءة أداء مؤسسات الدولة ونجاعة نظمها وقوانينها، نتيجة التشويه المستمر لقطاعات مهمة في البلد.

تفشي مظاهر التمرُّد على النظام العام في الشارع والفوضى المرورية التي نشهدها في كل مكان، والتي جعلت ضواحينا السكنية ملعباً لجميع أشكال الفوضى المرورية، إضافة إلى الطرق العامة، والتسيب الإداري، وحالة اللامبالاة لدى العامة، هي نتيجة حتمية لعدم الحزم في قضايا فساد وتجاوزات مثارة منذ سنوات، مثل: قضية اختلاسات مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ومشكلة اهتراء الطرق العامة وتطاير الحصى التي تكشفت منذ سنوات، وعدة قضايا أخرى مشابهة. وبلاشك، إن استمرار تشويه سُمعة شرائح كبيرة من الشعب العاملين في قطاعات مهمة ومتعددة في الدولة، بسبب عدم البت في قضايا الفساد وإصلاح ما تسببت فيه من تداعيات، ستكون له آثار سلبية كبيرة على البلد.