نقطة : قلبتوه مكتب خدم!
![فهد البسام](https://www.aljarida.com/uploads/authors/29_1666896202.jpg)
ثم إن القفز للمعايرة بالمعازيب قبل نقد الرأي أو الموقف محل الخلاف والتغاضي عنه يحمل في جوانبه إبراءً لذمة المستهدف، وتهويناً من مسؤوليته بشكل أو بآخر، فكأنك حين تقفز عن الموضوع لتقذف أحدهم بالتبعية لمعزب ما، تنفي عن عقله صدور مثل هذه الآراء والمواقف التي تراها غبية أو خاطئة وتنسبها إلى معزبه المفترض، وأنه مجرد رسول مجبر مغلوب على أمره، ونحن هنا فقط نفضحك ليعرف الناس حجمك الطبيعي، بينما في الواقع الكثير ممن يعبر عن هذه الأفكار والآراء هو مقتنع بها فعلياً، والخطأ والغباء فيها ذاتي المصدر ومن دون الحاجة إلى راعٍ رسمي خارجي، وبالتالي لم يتحقق من هذا الفضح المزعوم سوى الإساءة للشخص المستهدف والمؤسسة البرلمانية التي تجمع كل هؤلاء الصبيان تحت قبتها، بينما قد تظل الأفكار والآراء التي عبر عنها "الصبي" المفترض لتعيش من بعده وتروج، بل وقد يزيد التعاطف معها وتسقى بمياه المظلومية، لتنمو وتكبر وتتحول إلى حقائق راسخة مع الوقت من باب أنها لو لم تكن صحيحة لما تعرض صاحبها لهذا الاتهام، ولأنها في الأساس لم تتعرض للدحض الكافي والتشريح المستحق من البداية. كل يوم تجد هناك من يلقي على السلطة كومة الاتهامات الجاهزة عن عدم إيمانها بالدستور والديمقراطية وسعيها المبرمج لوأد التجربة، ولا نختلف كثيراً معهم في هذا، لكن ما نراه اليوم أن الأخطر من أعداء الديمقراطية عليها هم من يظنون أنهم أبناؤها وحماتها، فلا تزيدوا بتنابزكم هذا من خسائرنا، ولا تدعونا نصل إلى مرحلة نقول فيها إن الفارق الوحيد بينكم أنه في مكتب الخدم المعزب هو مَن يختار خادمه، ولديكم الصبي هو مَن يختار معزبه.