أقيم مؤتمر الطفولة المعاصرة الخامس على مسرح مكتبة الكويت الوطنية، وجاء بعنوان "غاب الكتاب وحضر الآيباد: ثقافة الطفل في زمن التكنولوجيا تائهة بلا جذور ولا انتماء". وشارك في المؤتمر عدد من الأكاديميين والكُتاب منهم رئيسة الجمعية الوطنية لحماية الطفل د. سهام الفريح، واختصاصي طب العائلة د. أحمد عبدالملك، وعضو هيئة التدريس في جامعة الكويت وعضو المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في مجلس الوزراء د. أمثال الحويلة، والكاتبة وراوية قصص الأطفال منيرة العيدان، وناب عن المحامية عذراء الرفاعي المحامي بدر العتيبي، ود. يعقوب الكندري. وأدار الجلسة الافتتاحية للمؤتمر المدير العام للمكتبة كامل العبدالجليل.
في البداية، أعطت الإعلامية حنان الزايد نبذة عن المؤتمر والهدف منه، قائلة: "إنه يهدف إلى تسليط الضوء على قضية تهم كل فرد منا، وهي تتعلق بأطفالنا وثقافتهم وانتمائهم وتعلقهم بجذورهم في هذا الزمن، الذي طغت فيه التكنولوجيا والأجهزة الذكية التي لا تفارق أيديهم، ويستمدون منها ما تتضمنه من مؤثرات إيجابية وسلبية، وتأخذهم من الواقع إلى عالم افتراضي".
تبني المشاريع
من جانبه، استهل مدير الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كامل العبدالجليل كلمته بقوله: "مكتبة الكويت الوطنية تواصل دائما تبني المشاريع والأنشطة والفعاليات الهادفة إلى إصلاح المجتمع، وتقويم المشاكل التي تحدث فيه، ومن بينها الإفراط الواضح كظاهرة استخدام الأجهزة والألعاب الإلكترونية والهواتف الذكية بشكل خاطئ ومنحرف عن الاستخدام الطبيعي". وأضاف العبدالجليل أن "تلك الظاهرة بدأت تزيد وتلقي بظلال سلبية خطيرة في موضوع التنشئة التربوية والاجتماعية، وأدت إلى نتائج ضارة على أطفالنا، خاصة من الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية والتربوية".وقالت رئيسة الجمعية الوطنية لحماية الطفل د. سهام الفريح: "إن سطوة هذه الأجهزة التي أطلق عليها الأجهزة الذكية على ذهنية الأفراد كبارا وصغارا أمر لا مفر منه، وقد يكون لهذه الأجهزة فائدتها الكبرى إن أُحسن استخدامها، إلا أن الغالب أنه يساء استخدامها، وخاصة عند الصغار عندما تغيب الرقابة اللازمة من الأهل والأطفال". وعلقت د. الفريح على مستوى القراءة للفرد في الوطن العربي من تقرير التنمية البشرية لعام 2003، بأن "المواطن العربي يقرأ أقل من كتاب في العام الواحد، وكل 80 عربيا يقرأون كتابا واحدا، مقارنة بالمواطن الأوروبي الذي يقرأ 35 كتابا سنويا، ويستغرق الأوروبي 900 ساعة سنويا في القراءة".عواقب وخيمة
من جانبها، قالت د. أمثال الحويلة، إن عنوان المؤتمر يوحي بالدور الحيوي الذي تلعبه التكنولوجيا في ثورة العولمة الحديثة، وماله من تأثيرات ذات عواقب وخيمة على الأسرة العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة. فالأسرة الخليجية تتعرض لتحديات كثيرة وأخطار مترامية مع ما يشهده المجتمع من تحولات متسارعة وتغيرات مادية وفكرية تتزامن مع اتساع وتيرة العولمة والانفتاح المحلي على الثقافات الغربية، خصوصا مع اتساع رقعة الثورة التقنية والاتصالية والمعلوماتية".سوء استخدام
وبدوره، قدم أستاذ الاجتماع والانثروبولوجيا في جامعة الكويت د. يعقوب الكندري دراسة بعنوان "سوء استخدام الأجهزة المحمولة وأثرها على العزلة الاجتماعية عند الأطفال"، معطيا مقدمة عن التفاعل بين التكنولوجيا والسلوك الإنسان، وبين تأثير الوسائل التكنولوجية على حياة الإنسان. وأوضح الكندري أن الأجهزة المحمولة أثرت بشكل كبير جدا، وأصبحت جزءا من حياته، لافتا إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم في عام 2018 بلغ 4.021 مليارات بزيادة 7 في المئة، بينما وصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم في العام نفسه إلى 3.196 مليارات بزيادة 13 في المئة. وأضاف د. الكندري أن إحدى الدراسات أشارت إلى أن 10 في المئة من الشباب والمراهقين بمستوى إدمان شديد على استخدام الانترنت، وأنهم بحاجة إلى تلقي العلاج لتخفيف حدة الآثار السلبية للإدمان.وعن الجانب القانوني للقضية، قال المحامي بدر العتيبي، إن قضايا الطفل من الموضوعات التي اهتمت بها الكويت، موضحا أن قانون الطفل "21" لسنة 2015 ولائحته التنفيذية عام 2016 اهتمّا بالطفل بكل جوانب حياته، وركّزا على ثقافة الطفل وحمايته من خطر التكنولوجيا، "ونيابة الأحداث أصدرت ضوابط استخدام الانترنت للأطفال في ديسمبر 2018، وأشركت الدولة الأسرة والمجتمع في حماية الطفل".وعرفت الكاتبة وراوية قصص الأطفال منيرة العيدان في بداية حديثها بالقصة الشعبية و"الحزاية"، مبينة أهمية قراءة قصة على الأطفال بشكل عام، لأن ذلك يعزز مهارة الاستماع، والتواصل البصري واللفظي، وزيادة المفردات، وزيادة التركيز والاستماع، وإبداء الرأي. أما اختصاصي طب العائلة د. أحمد عبدالملك فتناول الأثر الصحي للأجهزة الذكية، ومنها انتشار السمنة بشكل كبير لقلة النشاط الحركي، إضافة إلى ما يشكوه الأطفال من مشاكل الصداع. وأضاف عبدالملك أن الدراسات الحديثة للأكاديمية الأميركية توصي بأن الطفل تحت عمر السنتين يجب ألا يستخدم الأجهزة الذكية نهائيا، وما فوق السنتين يكتفي باستخدامه ساعة واحدة فقط يوميا وتحت رقابة الأهل. الجدير بالذكر أنه من المقرر أن يشهد المؤتمر الذي يستمر يومين تنظيم عدد من الفعاليات لطلبة بعض المدارس، كقراءة قصص محببة إليهم، وتعريفهم بأهمية المطالعة.