في مجموعته القصصية «في بلدةٍ صينيةٍ قديمة: قصص واقعية وتأملات لسعودي عاش ردحاً من الزمن في الصين» يصوّر الكاتب السعودي عبد العزيز الشعباني مشاهداته على مدى سنوات عاشها في الصين، والاختلاف بين الشعوب، من خلال وصف دقيق وممتع للأماكن والأشخاص بهدف إعطاء صورة وافية وشاملة عن الحضارة الصينية العريقة.

ذلك كله في أسلوب يجمع بين السرد والحوار ويركز على القيم الإنسانية وعلى المبادئ التي تقوم عليها الحضارة الصينية منذ آلاف السنين.

Ad

قدَّم القاص عبد العزيز الشعباني لكتابه بكلمة جاء فيها: «ليست مجرد قصص يومية، أو حكايات عايشتها، بل هي أشبه ما تكون باكتشاف عالمٍ آخر، أو بالأحرى... ككوكبٍ يحمل على أرضه شعباً له سيماه المختلفة وطبائعه الغريبة بالنسبة إلي وإلى أي غريب يأتي من خارج الحدود.

هي أشبه ما تكون بجلسةٍ طويلة للمقارنة بين ثقافاتٍ أعرفها، وثقافةٍ جديدة، بكل تفاصيلها، كُتب عليّ بأن أعايشها.

أن تتعايش مع إنسانٍ في وطنه وعلى أرضه يختلف تماماً عن أن تعايشه في مكان آخر لا ينتمي هو إليه، فالطباع ستختلف، والعادات اليومية ستتغير، ولن يبقى سوى ما جمعته العولمة من ثقافاتٍ مشتركة وعواطف شائعة لتجمع بينكما.

كل يومٍ يمرّ ويصدف أن ألتقي فيه بشخصٍ جديد من أهل البلد، فلا بد أن يترك لديّ انطباعاً جديداً، جميلاً أو بعكسه، انطباعاً عن شيء ما. فأهل البلد ليسوا متشابهين تماماً، والاختلاف بينهم ليس بكبير، ولكن النظرة إلى شخص غريب تكاد تكون متقاربة في الاستيعاب، متفاوتة في التعامل، خصوصاً لدى من هم في مستوىً «بسيط» من التعليم والثقافة والمعيشة.

وعلى عكس ما يأتيني من تساؤلات وتعليقات وظنونٍ من خارج حدود بلادهم.. فإن ذلك الإنسان الجديد على حياتي.. تغلب عليه الحميمية».

«توارت بالحجاب»

تمتاز رواية «توارت بالحجاب» للكاتب السعودي عبد الرحمن العكيمي بخاصية التجلي التي يوفرها الفكر الصوفي لتحليل العلاقة بين عناصر ثالوث المعرفة (الأنا، والوجود، والمطلق)، وقد أضاف إليها الروائي خاصية العشق الصوفي وتجلت في عشق بطلها امرأة صوفية الروح والفكر والهوى، وقد حمل الراوي تمردها وقلقها وتساؤلاتها وعهد بمهمة تقييمها إلى القارئ، فطرح الأسئلة وتركها مشرعة.

لذلك يمكن اعتبار «توارت بالحجاب» نموذجاً لرواية الأسئلة، نظراً إلى إمكاناتها الأسلوبية واللغوية والحوارية الثرية، وتطرقها إلى قضايا يعيد من خلالها الكاتب تقويم ظواهر سلبية سادت المجتمعات الإسلامية في الآونة الأخيرة مثل البرامج السياسية الدينية المقولبة التي تقود الشباب إلى حتفهم تحت عنوان الجهاد ونصرة الإسلام، والولاء والبراء من المشركين والإلحاد والشك وغيرها.

عبر هذا الفضاء تدور أحداث الرواية بين تبوك وعمان والعراق.. أبطالها ثلاثة أصدقاء في ربيع العمر: يوسف الغربي وعمار الخضر ورائد العون، يتشابهون في أشياء مشتركة، تسكن قلوبهم قيم الوفاء والصدق، لكن ظروف المرحلة ومتغيراتها، تداهمهم في غفلة من العمر الجميل، وتخطفهم تحولات الحياة، وتلقي بهم كلٌّ في اتجاه. يوسف في ميدان الصحافة والأدب والشعر، وعمار في ميدان المعركة فذهب ضحية الفكر الإرهابي المتطرف، أما رائد فخرج في الوقت المناسب من دائرة ضالة كادت تهلكه.

عبد الرحمن العكيمي كاتب صحافي وروائي متميز، من حيث قدرته على خلخلة السؤال، وتصويب سهام النقد والتوجيه إلى التيارات الفكرية المؤدلجة، ولهذا تقرّب كتاباته المسافات، وتحتضن الصدمات، وتفحص المسلَّمات، وتستبطن محنة الذوات.. هي عالم قائمٌ بذاته، مُفْعَمٌ بالحياة، منفتح على الاحتمالات، حمّال لكلّ ألوان التفسير والتأويل... كل ذلك بهدف دفع القارئ إلى النّظر إلى العالم بعين جديدة وروح سامية.