استغلّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه عن حال الاتّحاد، للدعوة إلى عهد جديد من التعاون بهدف كسر "عقود" من الجمود السياسي.

وبينما كان يمازح أعضاء الكونغرس أحيانا، وفي أحيان أخرى يتحدث باندفاع، قال ترامب في كلمته السنوية أمام أعضاء الكونغرس مساء أمس الأول: "يجب أن نرفض سياسات الانتقام والمقاومة والرد، وأن نغتنم الإمكانات غير المحدودة من التعاون والتوافق من أجل المصلحة العامة".

Ad

وأضاف: "معاً، نستطيع كسر عقود من الجمود السياسي. يمكننا التغلّب على الانقسامات القديمة، وشفاء الجروح القديمة، وبناء تحالفات جديدة، وتطوير حلول جديدة، وإطلاق عنان الوعد الاستثنائي لمستقبل أميركا. اتّخاذ القرار متروك لنا".

وتابع: "يجب أن نختار ما بين العظمة والجمود، النتائج أو المقاومة، الرؤية أو الانتقام، التقدم الذي لا يصدق أو الدمار الذي لا طائل منه. والليلة أطلب منكم اختيار العظمة".

وقال: "أقف هنا على استعداد للعمل معكم لتحقيق انفراجات تاريخية للأميركيين، الانتصار لا يعني الفوز لحزبنا، ولكن الانتصار هو الفوز لبلادنا".

وأوضح أن "خريطة الطريق للبيت الأبيض خلال العام المقبل هي جدول أعمال للشعب الأميركي ككل".

وشدد الرئيس الأميركي على أنّ هناك "معجزةً اقتصاديّة تحدث في الولايات المتّحدة،

والأشياء الوحيدة التي يُمكن أن توقفها هي الحروب الحمقاء أو السياسة أو التحقيقات السخيفة والمنحازة"، في إشارة واضحة إلى التحقيق في مزاعم تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة 2016، وإمكان وجود علاقات بين حملة ترامب وموسكو.

وأردف: "إذا كان للسلام والتشريع أن يتحققا فلا يمكن أن تكون هناك حرب وتحقيقات. الأمور لا تتم بهذه الطريقة، يجب أن نكون متّحدين في بلدنا لهزيمة خصومنا في الخارج".

الاشتراكية

وقال ترامب: "نشعر بالقلق لسماعنا دعوات جديدة لقبول الاشتراكية في بلادنا. نحن نولد أحرارا ونموت أحرارا ونحن نؤكد قرارنا من جديد: أميركا لن تصبح دولة اشتراكية أبدا".

وحين وصل إلى موضوعه المفضل، وهو بناء جدار على الحدود المكسيكية لوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين، كان الديمقراطيون يهزون رؤوسهم بغضب.

وقال: "أمام الكونغرس 10 أيام لتمرير مشروع قانون يموّل الحكومة ويحمي البلاد ويضمن أمن حدودنا الجنوبية"، مضيفا: "سيتم بناؤه، إنه جدار ذكي واستراتيجي، وليس مجرد جدار خرساني".

وشدد على أنه في المناطق التي تم بناء الجدار فيها، تراجعت عمليات العبور غير القانونية.

وقال: "ببساطة، الجدران فعّالة وهي تنقذ الأرواح"، داعياً الكونغرس إلى "التوصل إلى اتفاق"، قبل أن يختم بلهجة تحد: "سأبنيه" وسط تصفيق حاد من الجمهوريين وصمت من الديمقراطيين.

وإذ قال ان الجيش الأميركي هو الاقوى في العالم، تعهد الرئيس الأميركي بأن تتفوق بلاده على روسيا في الانفاق على برامج الصواريخ في غياب اتفاق دوليّ جديد بعد أن انسحب من معاهدة رئيسية تنظم المسألة تعود لحقبة الحرب الباردة.

وذكر: "خلال إدارتي، لن نعتذر أبدا عن وضع مصالح أميركا أولاً. ومن المحتمل أن نتفاوض من أجل اتفاق مختلف بإضافة الصين وآخرين. أو ربما لن نستطيع، وفي هذه الحالة، سنتفوق بالانفاق والتطوير على كل الآخرين بفارق كبير".

وعن تنظيم داعش، قال: "عندما توليت منصبي، كان داعش يسيطر على أكثر من 20 ألف ميل مربع (51800 كيلومتر مربع) في العراق وسورية. الآن حرّرنا كل هذه الأراضي تقريباً من أولئك القتلة المتعطشين للدماء".

وأضاف: "وعندما نعمل مع حلفائنا على تصفية فلول داعش، يكون قد حان الوقت لدعوة جنودنا البواسل للعودة إلى الوطن".

ولم يحدد الرئيس الأميركي موعدا دقيقا لأي انسحاب من سورية.

وتابع: "الأمم العظيمة لا تخوض حروبا بلا نهاية"، مشيرا إلى أن القوات الأميركية تحارب في الشرق الأوسط منذ 19 عاما تقريبا.

وفيما يتعلّق بأفغانستان، أكد إجراء "محادثات بناءة تشمل حركة طالبان"، مضيفاً: "حانت ساعة المحاولة على الأقل من أجل السلام، والجانب الآخر يود أن يفعل الشيء نفسه".

وتابع ترامب "لقد قاتلت قوّاتنا بشجاعة لا مثيل لها في أفغانستان. وبفضل شجاعتها، أصبحنا الآن قادرين على إيجاد حلّ سياسي لهذا النزاع الدموي الطويل".

ووصف ترامب إيران بأنها "أكبر دولة راعية للإرهاب"، موضحا أن إدارته تصرفت بحسم لمواجهتها.

وقال "إنه نظام متشدّد. يفعلون أشياء سيئة، لن نغمض أعيننا عن نظام يهتف الموت لأميركا ويهدد بإبادة الشعب اليهودي"، متعهداً بألا تحصل طهران مطلقا على أسلحة نووية.

وفي ملف فنزويلا، واصل ترامب الضغوط على الرئيس اليساري نيكولاس مادورو قائلا: "نقف مع الشعب الفنزويلي في سعيه النبيل إلى الحرية".

وفي سياق آخر، أعلن ترامب أنه سيلتقي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في فيتنام في 27 و28 فبراير الجاري، محذّراً في الوقت نفسه الصين من أنّه لن يعود بإمكانها "سرقة الوظائف والثروة الأميركيّة"، مطالباً بـ"تغييرات هيكليّة" من بكين لإنهاء ممارساتها التجاريّة "غير العادلة".

لقطات

بحر نسائي أبيض

قال الرئيس دونالد ترامب إن هناك عدداً قياسياً من النساء ضمن القوى العاملة، "أكثر من أي وقت مضى"، مشيرا إلى أن عدد النساء في الكونغرس أيضا هو الأكبر على الإطلاق. لم يكن ترامب بحاجة إلا للنظر إلى بحر الملابس البيضاء التي ارتدتها الديمقراطيات الجالسات في مقاعد مجلس النواب.

انقسام

كان الانقسام ظاهراً منذ دخول ترامب مجلس النواب، حيث تدافع الجمهوريون لمصافحته فيما بقي معظم الديمقراطيين بعيدا عنه.