لا يعرف الغيب إلا الله، ولكن علم الطب والفلك والجيولوجيا ومختلف المجالات هي تخصصات تدرس طبائع الأمور لتستشرف المستقبل بنسبة صواب تزداد قوةّ كلما ازداد المختصون دقةً، فالكويت بلد ديمقراطي ديمغرافيته تشتد غرابة، وحجمها يجعل أي تحويل فيها يهزها كلها، والنفط لن يُخلد لها ليتحدى بذلك ولاءات دول العالم لنا، وموقعها الجيوسياسي ليس الأكثر أريحية بالعالم، فهل المستقبل أسود؟ الواقع ليس كذلك! وهنا الأدلة: أريد أن يكون هذا المقال رداً أدبياً على د. عبدالله النفسي الذي طرح للناس نظريةً سمعها في الغرب عن انعدام مستقبل الكويت بحال عدم توحدها مع دول الجوار، لأنه كلما سئل عما طرحه يرد قائلا "مو كلامي!"، ويردد بأنه كان في ندوة في نيويورك بأميركا بعنوان (?Kuwait, what's next) بمعنى ما بعد تحرير الكويت كانت في ٢٣ يناير 1992 م، أدلى أحد ممثلي السي أي إيه (CIA) برأيه بأن الدول الصغرى ستبتلعها الدول العظمى جبراً، وأنه ليس لشبه الجزيرة دول باقية غير سلطنة عمان والسعودية واليمن في غضون 2020 م إلى 2025 م، لأن العالم بكامله يتجه نحو ابتلاع الدول الصغرى وتوحد الكيانات الوطنية. فهل هذا صحيح؟ بادئ ذي بدء، الدول ليست بأحجامها بل بعلاقاتها واقتصادها، فثمة دول أصغر من الكويت مثل الفاتيكان وقبرص والمانكو وجزر المالديف بل معجزة التطور سنغافورة التي كانت ظاهرة انشقاق لا ابتلاع، تتمتع بالأمان والاستقرار كما هو ثابت تاريخياً، ناهيك عن حال تفتت الوطن العربي لا تلاحمه. أما ديمغرافية الكويت فهي دائما وأبدا كانت تعيش على نظام المشيخة، وهي بذلك أقدم وأبقى من باقي دول الخليج كالسعودية والإمارات والبحرين من ناحية الأسبقية بالتأسيس والثبات، كذلك بلدي الصغير عميق بتنوعة المذهبي والقبلي، ويستوعب كل ألوان أطياف أبنائه من التجار والحرفيين ذوي أصول غير عربية؛ ولعل أوضح دليل هو تخالط اللهجات الكويتية، كما أن شخصية المواطن الكويتي دائما تتسم بالطابع العالمي، فالتأسيس الكويتي هو بالأساس تجاري بحت لا قتالي، بالروبية والدينار بدأنا ومضينا لا بالسيف والخنجر. وهنالك ملاحظة شديدة الأهمية، لا يعتبر مقالي مقارنة بيننا وبين دول الجوار؛ ولكنه قراءة لحال الكويت الجيوسياسي من منظور تاريخي، للرد على ما يشاع ضد هذا "الكوت" المبارك، وآخر مشكلة هي ديمومة النفط، وهذا ما سنتناوله بالمقال القادم.
مقالات - اضافات
هل الكويت ستبقى؟
08-02-2019