تباطؤ النمو الصيني مصدر قلق يهدد مستقبل النفط
يسود أوساط النفط العالمية شعور متزايد بالقلق من احتمالات تباطؤ الاقتصاد الصيني. ويرى محللون أن هذا التباطؤ –إذا استمر– سوف يهدد النشاط الاقتصادي في شتى أنحاء العالم.والنمو في ألمانيا، على سبيل المثال، تراجع نتيجة ضعف صادراتها من الآلات المتقدمة الى الصين، بصورة أسرع من المتوقع، كما أن النمو الاقتصادي في الصين كان فترة طويلة من الزمن المحرك الأساسي وراء استهلاك النفط. وتشكل الصين ما يقدر بنحو ثلث الزيادة المتوقعة في استهلاك النفط على صعيد عالمي في هذه السنة.وبحسب خبراء الطاقة، فإن الخطر يتفاقم أيضاً نتيجة ضعف الطلب على تكرير الخام في الصين، وربما يفضي الى تحويل الانتاج الى أسواق دولية، بعيداً عن سنغافورة والأميركيتين وأوروبا. ومن شأن ذلك التطور إضعاف صناعة التكرير ودفعها نحو ركود خطر يفضي الى خفض أسعار النفط بحدة.
وإذا تحقق ذلك فإنها لن تكون المرة الأولى التي تتسبب فيها المصافي بآسيا في أزمة في قطاع النفط. وفي عام 1997 فعلت المصافي في كوريا الجنوبية الشيء ذاته خلال الأزمة المالية الآسيوية. ويومها لاحظ تقرير اقتصادي أن المصافي الكورية بدأت السعي وراء أسواق التصدير، حتى قبل اندلاع الأزمة، ثم تفاقمت نتيجة انهيار الاستهلاك المحلي.في غضون ذلك، حذرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في الشهر الماضي من أن التباطؤ الاقتصادي في الصين يمكن أن يقلص استهلاك البنزين في ذلك البلد، الذي يعني طوفان صادرات إلى بقية أنحاء آسيا. من جهة أخرى، توقعت أوساط اقتصادية أن ينمو الطلب على الانتاج بنسبة 0.5 في المئة في هذه السنة، في حين ستزيد المصافي الصينية في الوقت ذاته سعة الانتاج بنحو 6 في المئة، بحسب خبراء الطاقة.على صعيد آخر، توقعت أوساط الطاقة أن ترتفع مخصصات التصدير المتعلقة بالبنزين والوقود النفاث وزيت الوقود في العام الحالي، «بحيث تحافظ المصافي الصينية على مستوى الانتاج».ولكن التقرير، الذي صدر عن وكالة بلومبيرغ في الشهر الماضي، يثير القلق الى حد كبير، إذ أشار الى وجود أسطول من من ناقلات النفط العملاقة يستعد لشحن الديزل الى خارج شرق آسيا. وتوجد خمس ناقلات نفط جديدة قبالة ساحل الصين، سعة كل واحدة منها تصل الى مليوني برميل، وسوف يتم إلحاق ناقلتين اضافيتين بهذا الأسطول عما قريب، ومن المقرر أن تنقل هذه الناقلات الانتاج الى الأسواق الأوروبية حيث يعتبر الهامش عالياً.ولن تكون هذه آخر الشحنات من الصين. وفي حالات الركود الاقتصادي السابقة أثر خفض استهلاك انتاج النفط على النشاط الاقتصادي. وفي عام 1997 على سبيل المثال كانت التوقعات أن التداعيات الاقتصادية لن تستمر أكثر من بضعة أشهر، مع امكانية احتواء الأزمة المالية في تايلاند وماليزيا واندونيسيا والفلبين.وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الصادرات من الصين سوف تقلص هوامش التكرير في شتى أنحاء العالم، كما حدث بالنسبة إلى تقليص فائض البنزين، مع الاستعداد لمواجهة مقاييس عام 2020. ويمكن لهذا الوضع أن يؤثر بشدة على المصافي الأميركية والأوروبية، وأن تتعرض بالتالي الأرباح لضغوط حادة، وخاصة في الشركات التي كانت تعمل على تحسين صادرات الإنتاج من الولايات المتحدة الى أوروبا والأميركيتين.وخلص محللون إلى ضرورة متابعة الوضع الاقتصادي في الصين، خلال العام الحالي، لأن حجم الصادرات من مصافيها سوف يستمر في الارتفاع إذا واصل اقتصادها تراجعه، كما يعتقد الكثير من خبراء الطاقة. كما أن مشاكل الصين وصناعة التكرير العالمية سوف تتفاقم، اذا لم تتمكن واشنطن وبكين من انهاء الحرب التجارية بينهما.