استراتيجية أميركية ثلاثية للانسحاب من سورية

إخراج إيران وترسيخ الأكراد وضبط روسيا

نشر في 08-02-2019
آخر تحديث 08-02-2019 | 00:09
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمام اجتماع وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد «داعش» في واشنطن أمس الأول، أن هزيمة التنظيم ستُعلن رسمياً في غضون أسبوع، تعكف الإدارة الأميركية على صياغة استراتيجية متكاملة لسورية في المرحلة المقبلة، تحدد أطرها ثلاثة عناوين رئيسية.

أول هذه العناوين تعزيز الوضع الأمني والعسكري لقوات سورية الديمقراطية وعمادها الأكراد وبعض العشائر السورية المحسوبة على دول الخليج، وثانيها هو إخراج القوات الإيرانية من سورية، وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو واضحاً خلال الاجتماع في ربط هذه المسألة بالمرحلة الثانية من الحرب ضد التنظيم.

أما العنوان الأخير، فيتمثل في إعادة ضبط الدور الروسي في سورية، الذي يرى الأميركيون أنه تجاوز المعادلة الضمنية التي حكمت تفاهمات واشنطن وموسكو على مدار الأعوام السابقة، بما بات يسمى «شرقي الفرات وغربه»، في إشارة إلى منطقتي نفوذ كل من الدولتين، والمجال الجغرافي الذي تغطيه عملياتهما العسكرية هناك.

وبحسب أوساط أميركية ذات صلة بالملف السوري، فإن الاستراتيجية هذه تأخذ في الحسبان إيجاد سبل لمقاربات جديدة للتعاون بين الولايات المتحدة من جهة وكل من تركيا وإسرائيل.

ويتصدر قطع طريق طهران- بيروت أولويات المرحلة الثانية من مواجهة التنظيم، التي ستأخذ طابعاً أمنياً بالدرجة الأولى، وقالت الأوساط إن العمل على هذا الملف سيتم على ثلاثة محاور بالتوازي، أولها مواصلة حملة الضغط الأميركي على طهران عبر العقوبات.

وأضافت الأوساط أن ثاني المحاور هو تطوير قنوات العمل الدبلوماسي بين واشنطن وموسكو، موضحة أن واشنطن تراهن على إمكان تحقيق اختراقات في التفاهمات الإيرانية- الروسية في سورية، لاسيما بعد تأكيد التقارير التي تحدثت عن مواجهات عسكرية بين قوى سورية محسوبة على إيران وأخرى على الروس في أكثر من مكان، إضافة إلى عمليات تطهير روسية في صفوف الأجهزة الأمنية السورية «عصب النظام» من الموالين لإيران، كما كشفت مصادر سورية لـ «الجريدة».

وذكرت الأوساط أن ثالث المحاور يتمثل في تغطية ودعم كل نشاطات إسرائيل العسكرية والاستخباراتية الهادفة لمنع إيران من ترسيخ وجودها في سورية سواء عبر الدعم الأميركي أو من خلال تفاهمات خاصة مع روسيا.

وتضع التصورات الأميركية في هذا الشأن احتمالات تصاعد التوتر العسكري بين إيران وإسرائيل في سورية ولبنان.

في المقابل، شكل تعزيز وضع الأكراد محور مباحثات المجموعة المصغرة التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومصر والأردن والسعودية في واشنطن، وتم الاتفاق على تدريب هذه القوات ودعمها مالياً واستخباراتياً، وتوفير إطار دعم سياسي «عربي» لها، إلى حين إنجاز تسوية سياسية في سورية تضمن للأكراد موقعاً في الدستور، وتفاهماً مع تركيا.

ويبدو ضبط النفوذ الروسي في سورية الأكثر تعقيداً؛ وذلك لاتساع مروحة التوتر الأميركي الروسي في أكثر من مكان في العالم.

وفي ظل استحالة المواجهة العسكرية بين الطرفين، يكمن الحل الأنسب، وفق الأوساط الأميركية، في الوصول إلى تفاهمات براغماتية ثلاثية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا تفضي إلى إعادة رسم الدور الروسي في سورية.

وشكلت التقارير شبه المؤكدة عن استثناء قاعدة التنف جنوبي سورية من قرار الرئيس ترامب الانسحاب من هناك أول إشارة إلى ذلك.

وبرر خبراء عسكريون هذا الاستثناء برغبة واشنطن في ضمان قطع طريق الإمداد العسكري من إيران لحزب الله، وعدم تحول المعبر إلى خاصرة رخوة لدول حليفة كالأردن والسعودية وإسرائيل على اعتبار أن المدى الفعلي للمعبر والقيمة الاستراتيجية له تصل إلى هذه الدول.

ومن المرجح أن تكتمل بلورة هذه الاستراتيجية مع انتهاء أعمال اجتماع وزراء دفاع دول التحالف منتصف الشهر الجاري في ميونيخ ومؤتمر وارسو الموجه فعلياً ضد إيران.

back to top