مؤتمر «يوم القرائية باللغة العربية»... القراءة رأسمال تواصلي وثقافي

• نظّمته «ورلد ليرنينغ» ضمن مشروع «كتابي» بمشاركة 700 متخصص

نشر في 10-02-2019
آخر تحديث 10-02-2019 | 00:15
خلُص مؤتمر «يوم القرائية باللغة العربية» إلى أن مَن ينجح في القراءة باللغة الأم (العربية) سينجح في الرياضيات والعلوم وفي اكتساب لغات أخرى. المؤتمر انعقد في لبنان بتنظيم مؤسّسة «ورلد ليرنينغ» World Learning ضمن إطار مشروع «كتابي» الممَّول من الوكالة الأميركية للتنمية الدوليّة، وبرعاية وزير التربية والتعليم العالي في الحكومة اللبنانية أكرم شهيب، وبالتعاون مع المديريّة العامة للتربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء.
وأشار المتحدثون إلى ارتباط وثيق بين إلمام التلامذة بالقراءة وقدرتهم على التحصيل في المواد الأخرى، ثم بقائهم في المدرسة، مشدّدين على أهمية المطالعة باللغة العربية للأساتذة قبل التلامذة، على اعتبار أن القراءة تؤمّن رأس مال تواصلياً وثقافياً لدى القارئ، وهو ما يصب في صلب عمل «كتابي».
شارك في مؤتمر «يوم القرائية باللغة العربية» الذي نظّم في فندق هيلتون بيروت متروبوليتان قبل أيام، نحو 700 شخص من أكاديميين ومتخصّصين تربويين وخبراء في مجال القرائية ومسؤولين ، لطرح آخر المستجدات في تعليم القرائية وأفق تحسين مخرجات القراءة لدى التلامذة في قطاع التعليم الرسمي.

بوليت عساف

في جلسة الافتتاح، رأت مديرة مشروع «كتابي» بوليت عساف أن «القراءة لا تحتاج إلى مناصرٍ ليؤكد محوريتها في عملية التعلم واكتساب المهارات والمعارف، فهي تتعدى كونها مدخلاً للاطلاع على المتاح من علم ومعلومات، لتشكِّل ركناً أساسياً في بناء الشخصية التعلمية، ومرحلة التماس الأول مع عمليات ذهنية أساسية كالمعالجة الصوتية والوعي النحوي والذاكرة العاملة، والتي لها أثر عميق في اكتساب المهارات الذهنية الضرورية لتعلم المواد الأخرى».

وأشارت الى أن «ثمة تصاعداً مطَّرِداً في كمية الجهد البحثي في مجال القراءة والاستثمار في تطوير أدوات تعليمها، لما لها من أهمية في اكتساب المعارف في غير مجال تعلم اللغة».

وقالت: «منذ اليوم الأول في مشروع «كتابي»، الذي تديره مؤسسة وورلد ليرنينغ، وتتشارك في تنفيذه مع كل من جمعية «أنا أقرأ»، وشركة MSI ومنظمة «أمديست»، والذي يهدف إلى تحسين مخرجات القراءة لدى تلامذة المدرسة الرسمية، وتعزيز قدرتهم على الوصول إلى التعليم، وضعنا نصب أعيننا تحدياً، كان بمنزلة المهمة، ولم ننكفئ عن العمل من أجل اتمامه، وهو بناء البيئة الممكنة التي ستسهم في تكريس نتائج المشروع واستدامة أثره الإيجابي، الذي بدأت ثماره تبرز بشكل واضح، وباعتراف المعنيين كلهم».

وفي سبيل ذلك ، تتابع عساف، «عمل فريق عمل مشروع «كتابي» على بناء الأرضية والبنى التحتية الضرورية من أجل استمرار وازدهار وتطور العمل بالمفاهيم والمقاربات والأدوات، التي طوِّرت ضمن المشروع بشكل تشاركي بالكامل مع المديرية العامة للتربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء.

ندى عويجان

وأقرّت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان أن «ضعف التحصيل التعلمي في اللغات عموماً وفي العربية خصوصاً همّ نعيشه ونواجهه في المؤسسات التربوية وفي الجامعات وفي سوق العمل». وأضافت: «من خلال رؤية المركز التربوي للتعليم 2030، نحن بصدد العمل الجدي والدقيق لنقدم رزمة متجانسة في إطار مناهج متجددة ومقاربة تعليم وتعلّم تفاعلية وموارد تربوية حديثة وتدريب نوعيّ للمعلمين لإجراء التغيير وقطف ثماره في التعليم الجيّد والمتكافئ للجميع».

كذلك عرضت عويجان للتعاون بين المركز و«كتابي»، خصوصاً في تدريب المدرّبين والمعلمين والعاملين في المركز التربوي وتطوير كفاياتهم المهنية، إضافة إلى تزويد المشروع عدداً كبيراً من المدارس وبعض مراكز التدريب بقصص رقمية وورقية بالتنسيق مع قسم اللغة العربية وآدابها».

 

USAID تجدّد الدعم لـ «كتابي»

وفوجئ الحضور برئيسة بعثة الوكالة الأميركيّة للتنمية الدولية USAID الدكتورة آن باترسون، تُعلن أن مشروع «كتابي» الذي سيصل الى ختامه خلال العام الجاري بعد أربع سنوات من العمل الدؤوب، سيتجدّد للدفع قدماً بالقراءة في الصفوف الابتدائية. وصرّحت بأن الوكالة الأميركية ولبنان يؤمنان بأن التربية والتعليم هما الركيزة الأساسية للنجاح الاقتصادي ونوعية الحياة الجيدة وعملنا في القطاع التربوي يمتد لأكثر من عقد من الزمن، ونحن فخورون بما حققناه معاً من أجل بدء مشروع كتابي إذ تحسّن مستوى القراءة (8 في المئة عن العام الماضي) لدى 79 في المئة من التلامذة في الصفوف الأولى في 260 مدرسة رسمية مشاركة في المشروع. وأشارت إلى أنه استفاد 37000 طالب من مواد وتكنولوجيا اللغة العربية للمساعدة في تعلّمهم. وأكدت أنه «منذ العام 2006 استثمرنا أكثر من 288 مليون دولار في تطوير الاستراتيجية الوطنية اللبنانية وتدريب المعلمين وتحسين بيئات التعلم والوصول إلى المدارس ودعم الاستبقاء والبحوث التعليمية والمنح الدراسية الجامعية لتلامذة المدراس الرسمية».

كلمة وزارة التربية

أما الدكتورة هيلدا خوري، مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية وممثلة الوزير شهيب، فأطلقت نداء إلى الحكومة اللبنانية الجديدة لإعطاء الأولوية للقطاع التربوي في لبنان الذي هو الأمل المتبقي للنهوض بالوطن. وأكدت «نجاح مشروع «كتابي» في تعزيز القراءة باللغة العربية التي هي هويتنا وعلينا الحفاظ عليها، معتبرة أنه نجاح للمعلمين والمرشدين والمدربين كونهم آمنوا بالمشروع وأعطوه من جهدهم لتأخذ العربية مكانها في لبنان».

وأمِلت بأن يصدر مشروع مرسوم لليوم الوطني للقرائية لما لذلك أهمية في مسيرة التحصيل العلمي والقراءة والثقافة، لافتة إلى أن ما يميّز «كتابي» عدم إمكان توقّفه حتى لو انتهت مدة تنفيذ المشروع لأنه سيكمل من خلال وزارة التربية ومركز البحوث والمدربين والمعلمين.

جلسات النقاش وورش العمل

تضمن المؤتمر نقاشاً حول ما خلصت إليه آخر البحوث في مجال القرائية، وعرضاً للجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية من أجل تحسين وتعزيز العملية التعلمية، خصوصاً في الصفوف الأولى من التعليم الأساسي.

وتناول المدرّبون في ورشة العمل الأولى تجربتهم في تدريب معلّمي اللّغة العربيّة في 260 مدرسة رسميّة، فضلاً عن تقديمهم مدى أهمّية طرائق تعليم اللّغة العربيّة وتقنياتها الحديثة، ومن بينها القراءة الجهرية، والقراءة الموجّهة، وأدوات التقويم المستمرّ، والموارد الدّاعمة لعمليتي التعلّم والتعليم في إطار البرنامج المتوازن. ثم توزّعت الورش حول تقنيات الإرشاد والتوجيه، وتجربة المعلمين في 260 مدرسة رسمية، وتجربة المديرين في تطبيق البرنامج المتوازن للقراءة.

وفي الختام، نتجت عن الورش توصيات جمّة أهمها تطبيق مشروع «كتابي» في الصفوف كافة بما فيها الروضات، وعدم التضارب بين مشروع «كتابي» وبين الكتاب المدرسي، وتطبيق المشروع على المواد والمراحل كافة، وتخفيض عدد التلامذة في الصف، والطلب إلى المديرين السماح للتلامذة والمعلمين باستعمال الأدوات والمكتبات الصفية وعدم حجبها عنهم، وضرورة أن يكون أساتذة اللغة العربية من ذوي الاختصاص، وتخصيص ساعات دعم للإنذار المبكر، وتعزيز دور المكتبة وتفعيلها، وتحفيز المتقاعدين من طريق تثبيت ساعاتهم.

يذكر أن مشروع «كتابي» يهدف الى تحسين مخرجات التعلم، وتعزيز الوصول إلى التعليم، ودعم الإدارة التربوية.

أما «ورلد ليرنينغ – World Learning» فهي منظمة دولية غير حكومية لا تبغى الربح، تأسست في 1932، وهي موجودة في لبنان بشكل متواصل منذ 2012. تهدف إلى تعزيز التعاون والمشاركة وتبادل الخبرات من أجل تسهيل الوصول إلى التعليم.

الخبراء أكّدوا أهمّية تقنيات تعليم العربيّة الحديثة ومن بينها القراءة الجهرية والقراءة الموجّهة وأدوات التقويم المستمرّ
back to top