فات الميعاد!
أول العمود:النكتة السياسية بدأت تنتشر منذ سنوات قليلة في الكويت، وهي مؤشر سخط اجتماعي، وآخرها كان عن أن حصى الشوارع المتطاير نوع من أنواع البذور التي تساعد في سفلتة الشوارع بدون تدخل بشري!
***"في سبع سنين" فيلم وثائقي مهم بثته قناة الجزيرة في 27 يناير المنصرم، يكشف عبر حوارات مع شباب مصريين من الجنسين التحولات الفكرية والاجتماعية والدينية لديهم بعد ثورة يوليو 2013 ، وحادثة فض اعتصام ميدان رابعة. أنصح بمشاهدة الفيلم لأن مادته وإن كانت تعالج حالة مصرية إلا أنه يصلح لكل مجتمع عربي بكل ما يحمله من تناقضات يومية وتحديات تنموية في ظل غياب شبه كامل للاهتمام بالشباب. "أنا كافرة"، "أنا لا أؤمن بوجود الله"، "لبست النقاب علشان أتجنب التحرش"، "لا أستطيع أن أخرج من طوع تنظيمي المسلح"، هذه بعض الجمل التي قيلت على لسان بعض من تمت مقابلتهم. الفيلم طُعِم بدراسة استقصائية بعنوان "حالة التدين في المجتمع المصري 2017"، تبين فيها نسب معتبرة، وقد توصل هذا البحث إلى أن الشباب المصريين (سن 18-35) توجد بينهم نسبة 6.5% لا يدرون إن كان هناك إله أم لا، و4% لا يؤمنون بوجود إله (ملحدون)، و24% لا يعتبرون الحجاب فرضا دينيا، و11% يؤيدون العمل المسلح باعتباره حلا وحيدا للتعامل مع السلطة.لا يُستبعد أن تكون مثل هذه الحالة موجودة في المغرب أو لبنان أو الكويت أو أي بلد آخر عربي مسلم، ولا يُستبعد أن تكون أسوأ من ذلك بكثير. الشاهد أن كل جهود العناية بالشباب التي تتصدر المشهد الحكومي العربي عاجزة عن الاعتراف بمصائب المجتمع لأن جزءاً كبيراً منها مرتبط بعجز سياسات إشراكهم في الحياة العامة، فأسوأ شعور يمكن أن يشعر به مواطن في بلده هو الإقصاء وعدم الاهتمام برأيه، خصوصا في ظل تزييف إرادته عبر صناديق الاقتراع. من زاوية أخرى تؤدي التربية الذكورية والتعسف الأسري دورا كبيرا في خلق قناعات الإناث، خصوصاً فيما يتعلق بدورهن في الحياة وخصوصيتهن في الملبس، فكيف لمنقبة خرجت في الفيلم لتقول إنها لبسته لتتقي المتحرشين، ورغم التزامها به تعرضت للتحرش! من المريض هنا هي أم مجتمعها؟ليت المصلحين الاجتماعيين ينطقون بالحق ويُصَوِبون نحو الهدف وهو التمييز الاجتماعي والطبقي واحتكار الثروة وانتشار الفساد بدلا من ملاحقة "الملحدين" الذين أعتبرهم ضحايا أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية مزرية.لنقِ الشباب من الظروف البائسة التي يعيشون فيها، لأن هذه الظروف هي وقود الثورات المُدمرة، كما يحدث حالياً في السودان.ينتهي الفيلم بمقدمة أغنية أم كلثوم "فات الميعاد" وهي إسقاطة مخيفة وفأل شؤم، فالتهميش آفة، ومرض سياسي واجتماعي، وسبب في ظهور من يقول "أنا كافر" علناً.