وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها "الأزهر الشريف" ومن حوله المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، و"الكنيسة الكاثوليكية" ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب باتخاذ التعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا باسم "الإخوة الإنسانية" التي تجمع البشر جميعا، وتوحدهم وتسوي بينهم، باسم تلك الإخوة التي أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة التي تعبث بمصاير الشعوب ومقدراتهم وأنظمة التربح الأعمى والتوجهات الأيديولوجية البغيضة.تعلن هذه الوثيقة باسم المولى عز وجل، وباسم النفس البشرية الطاهرة التي حرم الله إزهاقها إلا بالحق، وبالأسماء التي وردت في هذه الاتفاقية ومن بينها: باسم النازحين من ديارهم وأوطانهم "مفهوم المواطنة الكاملة للجميع". ومن المعاني التي رسختها الوثيقة للإنسانية "مفهوم المواطنة الكاملة للجميع"، حيث أكدت أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل، لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا، والتخلي عن الاستخدام الإقصائي لمصطلح "الأقليات" الذي يحمل في طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية ويؤدي إلى ممارسة التمييز ضدهم.
ولتعزز ذلك بالتأكيد على أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس من شأنها أن تسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.دستور الإخاء الإنسانيومع تقديري الكامل للإمارات، التي استضافت اللقاءات التي جمعت بين الموقعين على وثيقة الأخوة الإنسانية في جو مفعم بالأخوة بين القامتين الإسلامية والمسيحية في عالم مثقل بالحروب وسباق التسلح والظلم الاجتماعي، وعدم المساواة والفساد والإرهاب والعنصرية والتطرف، ومن خلال المحادثات الأخوية الصادقة بين القامتين في لقاء يملؤه الأمل في غد مشرق لكل بني الإنسان، حسبما جاء في مقدمة الوثيقة، فكم كنت أتمنى أن تكون هذه اللقاءات والمحادثات وانطلاق هذه الوثيقة من الكويت التي يظلها دستور سبق عصره في الإخاء الإنساني. وجدير بالذكر أن إعلان الأمم المتحدة أن الكويت إمارة الإنسانية قد تراخى كثيرا لأكثر من نصف قرن، لأنها كانت تستحق هذا اللقب منذ صدور دستورها، حافلا بهذه القيم الإنسانية الرفيعة التي حواها من تعاون وتراحم ومساواة وعدالة اجتماعية وصون للحريات والحقوق الدستورية ورقابة دستورية على القوانين تحمي كل هذه الحريات والحقوق.مفاهيم المواطنة الكاملة في الدستوروالواقع أن الدستور الكويتي قد أخذ بمفهوم المواطنة الكاملة الوارد في اتفاقية الأخوة الإنسانية، وهو مفهوم يرتبط بالإقامة الشرعية الدائمة والمستقرة في الدولة للعمل فيها ولأي سبب آخر، والتي تمنح المقيم في الكويت طبقا لأحكام الدستور حقوقا دستورية كاملة عدا تلك التي يختص بها المواطن الحاصل على الجنسية الكويتية بصفة أصلية أو بالتجنس، وهي الحقوق الدستورية ذات الصلة بسيادة الدولة كحق الاقتراع العام وحق التمثيل النيابي والحق في التعليم والحق في العمل واختيار نوعه، والحق في المعونة الاجتماعية وفي توفير التأمين الاجتماعي، والرعاية الصحية، والتي اختص بها الدستور من يندرجون في المفهومين الأول والثاني.وقد عبرت المادة (29) من الدستور عن مفهوم المواطنة الكاملة للجميع، ما نصت عليه في الدستور من أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين".ويتفرع عن هذا المفهوم الواسع للمواطنة حقوق دستورية لا تقتصر على المواطن الكويتي، بل يشاركه فيها كل مقيم على هذه الأرض الطيبة.فالدولة تحمي حرية الاعتقاد، وهي حرية مطلقة للجميع، وتحمي معها حرية القيام بشعائر الأديان، طبقا للعادات المرعية (مادة 35) ولكل إنسان حرية الرأي وحق التعبير عن رأيه ونشره (مادة 36) وللمقيمين الحق في تكوين الجمعيات والنقابات، حيث رفض المجلس التأسيسي اقتراحا بقصر هذا الحق المنصوص عليه في المادة (43) على الكويتيين.وللأفراد حق الاجتماع دون إذن أو إخطار مسبق (مادة 44) ولكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه (مادة 45) وحق التقاضي مكفول للناس (مادة 166).ويفيد المقيمون أيضا من رعاية الدولة للتعليم والعلوم والآداب والفنون وتشجيع البحث العلمي (المادتان 13 و14) وعناية الدولة بالصحة العامة ووسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة (مادة 15).وتضيف دساتير أو قوانين بعض الدول تقرير حق التصويت في انتخابات المجالس المحلية للمقيم في البلاد إقامة شرعية مستمرة.وللحديث بقية يوم الأحد القادم حول قانون الإخاء الإنساني رقم 19 لسنة 2012 بشأن حماية الوحدة الوطنية.
مقالات
المواطنة الكاملة والتعايش للجميع بين وثيقة الأخوة الإنسانية والدستور
10-02-2019