مسيرة فهد العثمان... انتصار العزيمة على المعاناة
• تجربة عصامية حوّلت الحرمان إلى نجاح وقدمت نموذجاً يحتذى في كويت الخير
• «دمعة والدتي لم تذهب هدراً بعد قصة كفاح... ونجاح»
بسيرة حافلة بالجهد والمعاناة ومحاربة الحرمان، خاطب رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط الأميركية (AUM) فهد العثمان خريجي العام الجامعي الماضي، مؤكدا أنه لا مستحيل مع الإصرار على النجاح في بلد الخير الذي يؤمّن لمواطنيه كل مقومات الحياة الكريمة.ومن وحي سيرته ومسيرته، دعا العثمان الطلبة الى ضرورة الابتعاد عن السلبيات التي تعكر مستقبلهم، خلال دخولهم للحياة العملية، مطالباً إياهم بعدم السماع للعبارات التي قد يطلقها البعض، والابتعاد عنها، تلك العبارات التي تتمثل في "ان الحصول على الوظيفية يتم عبر الواسطة، التي بدونها لن تسير الأمور كما يرغب الخريجون من مبتغاهم أو التوظيف وفق نطاق فئوي، أو أن مجال التجارة محتكر لفئة معينة لن يستطيعوا العمل به"، فربما قد يكون فيه بعض من الصح، ولكن هذا الامر يعتبر جانبا مظلما، فلابد من البحث عن الحقيقة التي تتمثل في تحقيق تطلعاتهم في الجانب المضيء.جاء ذلك خلال احتفال جامعة الشرق الأوسط الأميركية "AUM" بتخريج كوكبة من الخريجين المتميزين من مختلف التخصصات للعام الدراسي 2018، برعاية وزير التربية وزير التعليم العالي د. حامد العازمي، الذي أناب عنه بالحضور الأمين العام لمجلس الجامعات الخاصة د. حبيب أبل، وسط حضور العديد من القيادات الحكومية والشخصيات وأولياء امور الخريجين.
وكشف العثمان عن مسيرة حياته التي مر بها طوال السنوات الماضية، والمعاناة التي عاشها خلال فترة انفصال والداه عن بعضهما، والحرمان والشوق لوالدته التي بكت حرقة بعد سن السابعة، عندما انتقل للعيش في منزل والده بمنطقة الأحمدي، متطرقا في نفس الوقت لقصة الكفاح التي سار بها طوال السنوات الماضية، في ظل التعامل مع الظروف القاسية ومراحل الحياة الدراسية مروراً بالمدرسة حتى تخرجه من البعثة الدراسية في أميركا.
التجربة الشخصية
وتطرق العثمان إلى تجربته الشخصية ومسيرته الحياتية ليستفيد منه الطلبة، مفيداً بأنه بعد ولادته بشهور "انفصل والداي، وعشت في كنف والدتي صاحبة العمر الـ13 عاما في ذاك الوقت، برعاية من جدتي التي ترعاني وترعى والدتي وتشرف على تربيتنا، وعندما بلغت السابعة من العمر أخذني والدي لأعيش في منزله الكائن بمنطقة الاحمدي، بعد مفاوضة من أبي مع زوجته الثانية التي وافقت على العيش معها وفق شروط، منها أن أقوم باعمال البيت، سواء كانت غسيل حوش المنزل او الاواني المنزلية وغيرها، لتبدأ بعدها رحلة الجحيم والاهانة والعذاب والتجريح اليومية".وتابع: "رأيت بعد هذه الظروف أنه يجب ان اتمالك نفسي وكيف أدير امور حياتي، في ظل تلك القساوة، فأصبحت المدرسة هي بيتي وملاذي، والمدرسون أهلي وعزوتي الذين أقضي اغلب وقتي معهم".وذكر أن جدته كانت توصيه عبر مراسيل بضرورة الالتحاق بالأندية الصيفية، خلال فترة الصيف، "فالتحقت بأحد هذه الاندية في منطقة الاحمدي، وفي مرة قام النادي بزيارة الى احد مؤسسي المسرح، وهو الاستاذ محمد النشمي، رحمة الله عليه، وعقب الزيارة توجهت اليه وطلبت منه الالتحاق بالعمل في المسرح، ولكن النشمي وجه لي نصيحة بأن يكون الالتحاق بعد الانتهاء من دراسة الثانوية".السكن الداخلي
ولفت الى انه "بعد مرور سنوات كنت اتمنى ان اتخلص من الظروف التي امر بها في بيت والدي، فكنت اسمع عن سكن طلابي داخلي في ثانوية الشويخ، وفي يوم من الايام توجهت الى الادارة المختصة بها وطلبت الالتحاق بتلك الثانوية، وشرحت معاناتي وظروفي فتعاطفوا معي ووافقوا على نقلي اليها، وهي تعتبر حاليا مقر جامعة الكويت"، متابعا في نفس الوقت أنه "عندما علم أبي بموضوع انتقالي الى ذلك السكن الداخلي والدراسة بثانوية الشويخ غضب مني كثيرا وقام بضربي، ولكن استسلموا في الأخير لمطلبي وقبلوا بالأمر الواقع". وأضاف انه "عندما التحقت بالسكن الداخلي وجدت نفسي في عالم غريب مكون من مختلف الدول، وبعد مرور فترة وجدت ان الحياة هناك ممتعة وثرية، اكتسبت منهم مواضيع من مختلف المجالات، نتيجة تعدد الثقافات هناك، فوجدت نفسي محظوظا على الرغم من صغر سني".وتابع: "أكثر موقف آلمني كثيرا، عندما زارني احد اصدقائي ليأخذني من مقر سكني في المدرسة لمرافقته في حضور مباراة لكرة القدم، وعندما شاهد الواقع الذي اسكن به، قام بتركي، لانه يعتقد انني معاق اجتماعيا ليس لدي احد، واستعر مني ايضا!".وزارة الشؤون
وقال العثمان: "في الصف الثالث الثانوي توفى والدي، فوقف المصروف البسيط الذي كان يرسله لي، فتورطت كيف أدير اموري؟! وتقدمت بطلب الى وزارة الشؤون للنظر في حالتي، فوجدت الاستاذ محمد النشمي وكيلا للوزارة، وساهم لي بتسهيل الاجراءات وصرف مساعدة شهرية تقدر بـ40 دينارا".وأوضح: "بعد الانتهاء من مرحلة الثانوية، التحقت بالبعثة الدراسية الى أميركا، وحصلت على الشهادة منها، لينطلق بعدها مشوار العمل، وتبدأ اعمالي الخاصة، ولله الحمد وفقت بها، وأهمها جامعة الشرق الاوسط الاميركية".ووجه العثمان كلمة لوالدته، التي كانت حاضرة في الفعالية، فقال: "دمعتج اللي على دشداشتي قبل ٥٠ عاما لم تذهب هدراً، فأنا احببت ان اسمعكم عن تجربتي الشخصية، لتروا الكويت بعين ثانية، على الرغم من مروري باصعب الظروف"، مشيرا الى ان الكويت بلد المؤسسات التي توفر كل شيء لابنائها.النظام المؤسسي
وأكد ان النظام المؤسسي في الكويت ليس موجودا في اغلب دول العالم، وأن الكويت بلد الخير، فالخريج الذي يرغب في عمل مشروع خاص يجد ذلك ميسراً، فالدولة تضع ميزانية خاصة للمشاريع، وفي نفس الوقت تاخذ راتبا من بدل العمالة، حتى يقف المشروع على ساقيه، كما ان القطاع الخاص مفتوح ويصرف معه دعم مادي للعمالة، فضلا عن توفير الرعاية السكنية للمواطنين، وحتى ان كان هناك تأخير فالسكن بالنهاية مضمون، ومن يرغب في استكمال دراسته فالبعثات الخارجية والداخلية مفتوحة، فضلا عن توفير العلاج المجاني وغيره.وأضاف: "نحن في بلد حكامها يحبون الكويتيين، والكويت في قلوبهم، وهذه حقيقة ولم يكن ذلك لما وجدت هذه المؤسسات والعطاء"، مشددا على ضرورة تقديم الولاء للكويت والدستور والحكام، فالانتماء للكويت فوق كل انتماء.ودعا الله ان يحفظ الكويت وأهلها وحكامها واميرها، وبارك في نفس الوقت للجموع الطلابية، متمنيا لهم التوفيق بحياتهم المستقبلية.وتقدم العثمان بجزيل الشكر لممثل راعي الحفل الأمين العام لمجلس الجامعات الخاصة د. حبيب ابل، مهنئاً أولياء الامور بتخرج ابنائهم الطلبة من الحرم الدراسي.
ضرورة تقديم الولاء للكويت والدستور والحكام الذين يعتبرون فوق كل انتماء
المدرسة أصبحت بيتي وملاذي والمدرسون أهلي وعزوتي الذين أقضي أغلب وقتي معهم
عندما التحقت بالسكن الداخلي في ثانوية الشويخ وجدت نفسي في عالم غريب مكون من مختلف الدول
المدرسة أصبحت بيتي وملاذي والمدرسون أهلي وعزوتي الذين أقضي أغلب وقتي معهم
عندما التحقت بالسكن الداخلي في ثانوية الشويخ وجدت نفسي في عالم غريب مكون من مختلف الدول