قلب انتصار الثورة الإسلامية في إيران الاوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط، ولا يزال تأثيراتها ملموسة بعد 40 عاماً.

وبالنسبة للمنطقة، فأن الهزة كانت أقوى من الإنتصار "غير الوارد واللامتوقع " للخميني في فبراير 1979، كما يلحظ الباحث في الشؤون الإيرانية لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كليمان تيرم.

Ad

وقال تيرم إن "المفاجأة كانت ضخمة في الشرق الأوسط والعالم بعد الانتصار"، مشيراً إلى أن إيران في عهد الشاه كانت تعتبر "قطباً للإستقرار" في المنطقة.

وإبان الحرب الباردة، كانت إيران أحد ركائز السياسة الأميركية في المنطقة ضد الإتحاد السوفياتي.

لكن "احدى الوقائع المؤسسة للسياسة الخارجية للنظام الجديد كانت أخذ دبلوماسيين أميركيين رهائن" في السفارة الأميركية بين نوفمبر 1979 ويناير 1981، وكان مؤشراً إلى "ظهور عداء أميركي-إيراني"، وفق تيرم.

وقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وخسرت الولايات المتحدة حليفها الرئيسي في المنطقة، وكانت هناك "إعادة تنظيم للاوضاع الجيوسياسية في المنطقة"، حسب قوله.

وفي الخطاب الرسمي الإيراني، الثورة الإسلامية ليست حدثاً من الماضي توقف عند عام 1979 مع الإطاحة بنظام الشاه، بل هي عملية لا تزال مستمرة.

ويقول الصحافي في صحيفة "جوان" الإيرانية المحافظة، عبدالله غانجي،"بالنسبة للإمام الخميني، فان الثورة الإسلامية عالمية تمرّ بثلاثة مراحل: الأولى إيران، الثانية العالم الإسلامي، والثالثة عالم المستضعفين".

"في بداية الثورة، لم يكن لدينا اي نية في تصديرها عسكرياً على طريقة النموذج السوفياتي"، يؤكد غانجي.

لكن ما جرى في هذا البلد كان مصدر "الهام" للخارج، وفق غانجي الذي يذكر سلسلة "حوادث" طرأت حينها "في العالم الإسلامي"، مثل الاعتداءات على السفارات الأميركية، واغتيال الرئيس المصري أنور السادات.

وبمواجهة ما اعتبرته رغبة في زعزعة استقرارها، شعرت بعض الدول العربية بحالة من الخوف، وتلك احد "الأسباب التي قادت إلى الحرب التي شنها العراق ضد ايران" في سبتمبر 1980، كما يقول تيرم.

وخرج البلدان منهكان من النزاع عام 1988.

وتابع الباحث "شهدنا انقسام العالم العربي بين مؤيد ومعارض لـ(محور المقاومة) الذي تروج له الجمهورية الإسلامية ويضم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني".

وقال غانجي انه بعد نهاية الحرب مع العراق، طورت إيران "استراتيجية جديدة" تقوم على "منع الولايات المتحدة من أن يكون لها موطئ قدم في الشرق الأوسط".

وتابع ان هذه هي "استراتيجية الجمهورية الإسلامية منذ 30 عاماً"، و"هذا يشرح جزئياً السبب خلف الثمن الذي ندفعه" اليوم، مشيرا إلى العقوبات الأميركية والدولية.

من جهته، يرى المحلل والسياسي الإيراني المحافظ أمير محبيان أن "المبيعات الهائلة للأسلحة (من الغرب) إلى دول الخليج" العربية تبرر "بالفعل أن إيران لا زالت تحت الخطر" بسبب المخططات الاميركية.

وبحسب غانجي، فإن الاستراتيجية الإيرانية المناهضة للولايات المتحدة، إلى جانب القلق على "وحدة المسلمين"، تفسّر الدعم الايراني للسلطات السورية والعراقية لمحاربة جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تقول إيران إنه صناعة أميركية.

وأكد ان "ما حدث في سوريا كان في الأصل تهديداً لنا".

أما تيرم، فقال إنه اذا كان "النضال ضد الصهيونية" أحد "ثوابت" السياسة الخارجية الإيرانية، فإن أحد الأهداف الجيوسياسية الحالية لإيران هو "ضمان استمرارية" الجمهورية الإسلامية.