اتجاهات عالمية ترسم الصورة الجيوسياسية في 2019
في ضوء المعطيات التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية في المرحلة الراهنة وتداعيات التباطؤ الاقتصادي – وخاصة في آسيا – يرى محللون أن ثمة اتجاهات عالمية سوف تحدد صورة الأعمال والجوانب الجيوسياسية في هذه السنة. ويتسم العام الجاري – بالاضافة الى التباطؤ الاقتصادي – بتوترات بين الشرق والغرب وبتقدم واضح في مجال الاتصالات وخلق فرص ومخاطر لن تقتصر على حقل محدد بعينه.وفيما يعمل قادة رجال الأعمال والسياسة والمجتمع المدني على تقييم البيئة العالمية فقد برزت أحداث تتطلب مراقبة ومتابعة من الأوساط الفاعلة في الحكومات والصناعات والأسواق.
ولعل من أبرز هذه الأحداث ما يشهده العالم من تباطؤ اقتصادي سوف ينعكس على حياة الملايين من البشر والذي أسفر عن تراجع في الأسواق الناشئة وتشدد في السياسات النقدية وتقلبات في الأسواق ونزاعات تجارية وارتفاع لافت في حجم الديون على اختلافها.وقد خفض صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخبراء القطاع الخاص من توقعاتهم للنمو الاقتصادي العالمي في هذه السنة مشيرين الى ازدياد الحمائية التجارية وعدم الاستقرار في الأسواق الناشئة. وربما يسهم تباين الدخل وتباطؤ التجارة وارتفاع الديون والتشدد النقدي في مزيد من التباطؤ الاقتصادي بصورة عامة.وبحسب محللين كانت توقعات الأنشطة الاقتصادية أدنى بالنسبة الى الولايات المتحدة والصين واليابان ومنطقة اليورو والكثير من الأسواق الناشئة. ومن المقرر أن يتخذ مجلس الاحتياط الفدرالي الأميركي قرارات صعبة تتعلق بمعدلات الفائدة في 2019 ويمكن أن تؤثر بدورها على النمو العالمي وليس على الولايات المتحدة فقط. وفي شهر يونيو المقبل سوف تسجل الولايات المتحدة الشهر الـ 120 من التوسع الاقتصادي وهي الفترة الأطول في تاريخها. وتشير توقعات المحللين الى أن النزاع بين الولايات المتحدة والصين سوف يستمر ويتصاعد هذه السنة وربما يتجاوز آفاق القضايا التجارية. وتتجذر الخلافات بين واشنطن وبكين في الميادين الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والتقنية. ومعروف أن الصين تسعى الى القيام بدور أكبر على المسرح العالمي كما ترغب في دور الرائد والمبتكر في الذكاء الاصطناعي والتقنية، ويشكل تحسن اقتصادها تحديات للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة.وفي الأجل القريب يتعين على الولايات المتحدة والصين فهم نوايا الطرف الآخر والعمل على تسوية خلافاتهما، وحتى اذا تمت معالجة النزاعات التجارية في هذه السنة فإن المنافسة بينهما سوف تستمر وربما تزداد حدة. ويتحدث محللون عن محاولة البعض من الدول الاخرى ايجاد توازن في العلاقة مع الدولتين وهذه أول جولة في معركة سوف تستمر عقودا طويلة من الزمن.والسؤال الذي يتردد في الأوساط الاقتصادية اليوم هو هل تستطيع واشنطن وبكين التوصل الى اتفاقية تجارية في هذه السنة؟ وماهي مضاعفات العلاقات الأميركية – الصينية في الميادين الجيوسياسية العالمية والتجارية والتقنية والأمن؟ ثم هل في وسع الولايات المتحدة عرقلة تقدم الصين في قطاع الاتصالات والتقنية؟في غضون ذلك يتعين الاقرار بأن الانتخابات في شتى أنحاء العالم تنطوي على مخاطر تؤثر على الحوكمة وأولويات السياسة.وسوف يتوجه حوالي ملياري ناخب الى مراكز الاقتراع في هذه السنة في الهند واندونيسيا ونيجيريا وأوكرانيا والأرجنتين.وفي أوروبا سوف تكمل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عملية البريكست في 29 مارس المقبل، كما سوف تشهد ألمانيا ظهور زعامة سياسية جديدة، وتجري انتخابات البرلمان الأوروبي في 23-26 مايو. وسوف تجري كندا وأستراليا انتخابات وطنية أيضاً فيما تبدأ الحكومات المنتخبة حديثاً عملها في البرازيل والمكسيك.والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سوف ترسم هذه الأحداث السياسية حدود الحوكمة العالمية والنمو الاقتصادي والعلاقات الدولية؟ والجواب هو أن التطورات الميدانية سوف ترسم مثل هذه الصورة بقدر أوضح تماماً.