المعارضة السياسية والإصلاح المنشود
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
بعد هذه المقدمة يتبين لنا أن المعارضة السياسية يمكنها العيش في ظل الأنظمة الديمقراطية، بل إنها تساهم وبشكل كبير في تحسين الظروف الحياتية للمواطنين من خلال لفت انتباه الحكومات لبعض مواقع الخلل ومعالجتها، وبما أننا في دولة الكويت فإن الدستور أتاح فيها للسلطة النيابية تميزاً على السلطة التنفيذية، فأعطاها حق المشاركة والتصويت على القوانين والتشريعات، ومكنها من حق المساءلة السياسية وطرح الثقة، بل إن الدستور أعطى الحق لنائب واحد أن يكون معارضا، وأتاح له استجواب الوزراء ورئيس الحكومة، كما أنه أعطى النواب حق التصويت على طلب طرح الثقة فقط. في المقابل، ورغم القيمة النوعية التي أتاحها الدستور، فإن مفهوم المعارضة لم يصل إلى مرحلة النضج السياسي من خلال القدرة على المناوءة السياسية كعمل ثابت طويل الأمد؛ لذلك كانت المواقف السياسية مذبذبة تتحكم فيها الظروف، فتارة تراها تنجح مع وزير وتفشل مع غيره بحسب انتمائه الحزبي والعائلي والمذهبي، رغم أن معطيات مادة الاستجواب قد تكون متشابهة وعلى البنود نفسها. هذا النوع من المعارضة السياسية قد لا يسمح بتطور العمل الديمقراطي، وقد يكون أداة هدم في معظم الأحيان، لذلك ترى أغلب الوزراء لا يكترثون كثيراً بتحسين الأداء بقدر حرصهم على إيجاد الوسائل التي تقيهم منصات المساءلة السياسية، والتي غالباً تكون على حساب الوطن والمواطن.المشكلة أن الصراع الطبيعي بين المعارضة والحكومة قد تحول إلى تنمر بين النواب فيما بينهم رغم ما أتاحه الدستور من مساحة واسعة للمناورة السياسية، لكن وللأسف صار وبفضل سوء التصرف من بعض نواب المعارضة والموالاة بإصرارهم على استخدام لغة التخوين وتصفية الحسابات وعقد الصفقات، وسيلة لهدم كل مقومات الديمقراطية."خدمة الكويت شرف لا يناله سوى المخلصين"ودمتم سالمين.