عبيد سوبر... تواضع قليلاً
أكن للدكتور عبيد الوسمي احتراماً وإعجاباً لجرأته في الطرح، وانتقاد الأوضاع التي آل إليها البلد، لكنني أختلف معه في أسلوبه المتعالي والنظرة الفوقية للجميع، وتعامله مع جمهوره كتلاميذ أغرار ينتظرون منه رأس الحكمة وعصارة التجربة، كما أنه لا يفرق بين الناس ومستوياتهم الفكرية والمعرفية، وتفاوت تجاربهم وآرائهم، وإن كنت أعتبره في مصاف السياسيين أمثال د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي ود. خالد الوسمي ود. أحمد الربعي من حيث الجرأة في الطرح، وليس الأسلوب في التعاطي مع العامة.الدكتور عبيد الوسمي يحسسك أنه "سوبر مان"، يفهم في كل شيء، ومن حوله لا شيء، حديثه ليس متناغماً، ولا يطرح أفكاراً متسلسلة ومتماسكة، وهو يخلط بين الإدارة السياسية في الدولة والجانب الفني لإدارة مستشفيات يبنيها الديوان الأميري، ويطرح كماً هائلاً من عبارات السخرية، التي تجعلك بعد فترة مشوش الفكر وتائهاً بين أطروحاته ومدى جديتها.بلاشك يشدك بجرأته في نقد الكبار ومؤسسات الدولة، رغم أنه كان جزءاً منها في مجلس الأمة 2012، وشارك في المناورات والصفقات السياسية وقدم استجواباً لرئيس الحكومة ثم سحبه، وكان عضواً في برلمان أقر قوانين خطيرة، منها على سبيل المثال إعدام المسيء للذات الإلهية.
اللافت أن د. عبيد مارس في لقائه التلفزيوني الأخير أسلوبه المعتاد في التهكم والسخرية من الآخرين، فاتهم صحافياً برلمانياً قدم له سؤالاً بأنه لا يقرأ ولا يدرك شيئاً، وهو ما يوضح أنه لا يحترم الرأي الآخر، ثم عرج فهاجم مؤسسات صحافية، وأخيراً حكم على الصحافيين الكويتيين بأنهم لا يفقهون شيئاً ولا يعرفون الكتابة، وأنهم - كما كان يلمح - أدوات، في تعميم غير محترم ولا مهذب لشريحة من المجتمع، فيها الكثير ممن ضحى من صحافيين وكتاب لإيصال الكلمة الحرة والمعلومة الصادقة للشارع الكويتي على مدى عقود من الزمن.وأجد اليوم مناسباً لأذكر لعبيد الوسمي، الذي كان "يفتر على كرسيه" في الأستوديو، ويتهم الصحافيين الكويتيين بكلام مرسل، مثالاً من أمثلة أخرى كثيرة عن الزميل الصحافي مبارك الصوري، الذي دفع ثمناً غالياً من حياته الشخصية والمهنية نتيجة إصراره على أن يُوصل للشعب الكويتي تفاصيل اختلاسات الناقلات والاستثمارات الخارجية في السنوات التي تلت التحرير مباشرة، في عدة تقارير نشرها باسمه، بينما كنا ومعظم الزملاء نخوض يومياً معارك مع رؤسائنا في صالات التحرير، عندما يتم شطب جزء من أخبارنا بسبب الرقابة، أو كما كانوا يسمونها المصلحة العامة والمواءمة السياسية.شخصياً، والعديد من الزملاء الصحافيين، ننتقد الوضع الذي آلت إليه الصحافة الكويتية حالياً، والاختراق الكبير الذي حققته السلطة وكارتيلات المصالح فيها، وقدرتهم على توجيهها لخدمة مصالحهم، ولكن مازال هناك أمل في الإصلاح، وعودة الروح للصحافة الكويتية، ومازالت هناك أيضاً نافذة لإيصال الرأي العام، وانتقاد الأوضاع في البلد، وعبر زاويتي هذه كانت أول مقالة تسببت في إسقاط قانون البصمة الوراثية غير الإنساني، لكن محاولاتك يا د. عبيد لتهشيم كل شيء في البلد، وتصوير جميع أهلك وزملائك بأنهم تافهون وفاشلون، ولا يفقه أحد شيئاً سواك، هو فعل هدام ولا يخدم أهدافك في الإصلاح ومكافحة الفساد... لذا نتمنى يا دكتور عبيد أن تتحلى بقليل من التواضع.