في خطوة متوقعة وافق البرلمان المصري برئاسة علي عبدالعال، في جلسته العامة أمس، على مقترح التعديلات الدستورية المقدمة من أكثر من خمس أعضاء المجلس، بما يسمح ببقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا حتى عام 2034، مع زيادة صلاحياته في مواجهة البرلمان والسلطة القضائية، وسيبدأ البرلمان فتح باب النقاش المجتمعي حول التعديلات مدة شهرين، يعقبه إجراء الاستفتاء على التعديلات في شهر أبريل المقبل عل الأرجح.

485 نائبا وافقوا على التعديلات، وفقا لآلية المناداة على كل نائب بالاسم في جلسة أمس، لضمان حصول المقترح على موافقة أكثر من نصف عدد الأعضاء «50 في المئة + 1»، بحكم المادة «226» من الدستور، وأحال عبدالعال التعديلات المقترحة إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لتشكيل لجان استماع وفتح باب النقاش المجتمعي لمناقشة المواد المقترح تعديلها، والانتهاء من صياغتها في مدة 60 يوما، وفقا لما نص عليه الدستور.

Ad

وحصد مقترح التعديلات على أغلبية ساحقة من برلمان يهيمن عليه أنصار ومؤيدو السيسي، فيما لم تتعد أصوات الرافضين مجموعة قليلة من النواب. وكان أبرز من رفض: «هيثم الحريري، وأحمد طنطاوي، وسمير غطاس، وضياء الدين داوود»، بينما وافق عدد من النواب على مبدأ التعديلات مع التحفظ على عدد من صياغات المواد المعدلة، وهو ما أكد رئيس البرلمان أنه سيتم مناقشته فيما بعد.

كلمة الشعب

وألقى عبد العال كلمة قبل فتح باب التصويت، قال فيها إن البرلمان عقد ثلاث جلسات متتابعة لمناقشة التعديلات، وتم الاستماع إلى 221 عضوا، منهم 126 عضوا من الأغلبية «ائتلاف دعم مصر»، و95 عضوا من المعارضة والأقلية والمستقلين، ثم وجه الشكر لأعضاء البرلمان على التزامهم بالقواعد، وأضاف: «الشعب في النهاية هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الشأن». وقال عبدالعال إنه سيتم تخصيص شهر لتلقي المقترحات والملاحظات من مختلف الجهات والهيئات، ثم عقد جلسات استماع على مدى أسبوعين بحد أدنى 6 جلسات يحضرها عدد من السياسيين والقانونيين وممثلي الهيئات الإعلامية والجامعات والنقابات لاستطلاع رأيهم في مبدأ التعديلات، ثم تتولى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية الصياغة النهائية للتعديلات في أسبوع، ثم تعكف على إعداد تقريرها الذي تقدمه أمام الجلسة العامة للبرلمان للحصول على موافقة النواب النهائية، وحال الموافقة يحيل رئيس المجلس التعديلات إلى رئيس الجمهورية الذي يدعو الشعب للاستفتاء عليها.

ووعد رئيس البرلمان بفتح باب النقاش المجتمعي حول التعديلات، وشدد على أن المجلس حريص كل الحرص على اتباع الإجراءات القانونية وسلامتها لإنجاز التعديلات، لافتا إلى أن تخصيص نسبة 25 في المئة للمرأة داخل البرلمان، سيكون محل نقاش وسيخضع للحوار المجتمعي، وذلك ردا على تحفظ عدد من النواب بما فيهم أعضاء حزب «النور» السلفي، على تعديل المادة «102» لتنص على كوتة المرأة.

عبدالعال، تعهد بالاستماع إلى رأي السلطة القضائية بكل هيئاتها في التعديلات التي تمسها، وأن البرلمان سيعمل على الانتهاء إلى صياغات تضمن الاستقلال لرجال القضاء، لكن رغم ذلك تبدو صياغة التعديلات حاسمة في فرض نفوذ رئيس الجمهورية بإقرار تعيينه لجميع رؤساء الهيئات القضائية ورئاسته للمجلس الأعلى للهيئات القضائية.

وقرر رئيس البرلمان استبعاد المادتين 212 و213 الخاصة بهيئتي الصحافة والإعلام من التعديلات الدستورية، من عملية التصويت، وذلك استجابة لطب من رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، أسامة هيكل، الذي أكد أنه تواصل مع النواب من أجل هذا القرار، مؤكدا أن الهيئتين إداريتان تديران الأموال المملوكة للدولة، ولا علاقة لهما بعودة منصب وزير الإعلام من قريب أو بعيد، وهو ما استجاب له رئيس ائتلاف «دعم مصر» عبدالهادي القصبي، مقدم التعديلات، بسحب طلب تعديل المادتين.

تعديلات جوهرية

ووافق النواب على المقترح المقدم من 155 نائبا، أكثر من خمس الأعضاء، بشأن تعديل مواد دستورية، وهو الأمر الذي وافق البرلمان على مناقشته يوم 3 فبراير الجاري، وتتضمن التعديلات تخصيص كوتة للمرأة في البرلمان بنسبة 25 في المئة وزيادة تمثيل العمال والفلاحين والشباب والأقباط، وعودة الغرفة الثانية للبرلمان تحت مسمى «مجلس الشيوخ»، لكن الأهم هو المواد الخاصة بوضع رئيس الجمهورية في الدولة المصرية.

وتنص التعديلات المقترحة على أن تصبح مدة الفترة الرئاسية ست سنوات بدلا من أربع سنوات، تطبق على الفترة الرئاسية الحالية للرئيس السيسي التي ستنتهي بعد التعديل في 2024 بدلا من 2022، مع منحه وضع استثناء بالترشح لولايتين رئاسيتين أخريين، ما يعني بقاء السيسي رئيسا حتى 2034 إن لم يكن 2036، حسب التفسير النهائي للمادة الانتقالية، مع منحه صلاحيات واسعة بصفته ممثل السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية.

ومن أخطر التعديلات المقترحة المادة «200» الخاصة بالقوات المسلحة، والتي طالب النواب أن يتم النص فيها على أن «القوات المسلحة ملك الشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد».

مؤتمر ميونيخ

في غضون ذلك، وصل السيسي إلى ألمانيا صباح أمس، للمشاركة في مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية، الذي ينطلق اليوم الجمعة، والذي تشارك فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وسيكون السيسي أول رئيس غير أوروبي يلقي كلمة في الجلسة الرئيسية للمؤتمر، ومن المتوقع أن تركز الكلمة على الملفات ذات الاهتمام الأوروبي المصري المشترك، وفي مقدمتها سبل مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف وملف الهجرة غير القانونية.