لُب
ظهر جيل جديد من الشباب المثقفين في الكويت تغلب عليهم النزعة السلبية والنظرة السوداوية للأمور، خصوصاً فيما يتعلق بأي تطوير أو تنمية مستقبلية للبلد. أتفهم وجهة نظرهم، فجميع المؤشرات والدراسات العالمية تثبت تراجع– بل تدهور- الأمور هنا، فعلى سبيل المثال حلول الكويت في المركز الـ116 من أصل 166 دولة في مؤشر الديمقراطية العالمي (جريدة الراي، 11 يناير 2019) ليس أمراً جيداً على الإطلاق، حتى إن كنا الأفضل خليجياً، بل هو مدعاة للقلق ودليل أن هنالك الكثير من التغييرات التي يجب أن نقوم بها، وإن حققنا قليلاً من التقدم في هذا المؤشر خلال السنوات الماضية. تؤلمني كثيراً رؤية الأبواب توصد أمام العديد من النماذج الشبابية الرائعة، وذلك بسبب البيروقراطية في المؤسسات الحكومية. ينال التافهون جل التغطية الإعلامية ويُرسل ذلك رسالة واضحة مفادها أن من يريد النجاح هنا فعليه عمل مشروع استهلاكي كمطعم أو عيادة تجميل، ولا عزاء للتعليم والإنجاز الحقيقي. في هذه الأثناء يعمل مبدعونا الشباب في الخفاء خوفاً من مهاجمتهم أو تكفيرهم بسبب كتاب أو أغنية شبابية أو حتى... تغريدة!وفي ظل هذه الموجة القمعية من تكفير وسجن وإشغال مجتمع بأكمله بالثقافة الاستهلاكية، هاجرت العديد من العقول والكفاءات الشبابية التي كان من الممكن الاستفادة منها، أما البقية هنا فهم إمّا يحلمون بأن يأتي دورهم في الهجرة أو أنهم يعيشون قلقا دائما من أن ينالهم "العقاب" هم أيضاً! أعتقد أن موجة الهجرة الشبابية ستستمر في ظل الظروف الحالية، وهذا شيء خطير للغاية، فالشباب هم لُب المجتمع الذي يأخذ به إلى التقدم. فما العمل إذاً؟
لا بد من أن يصبح المجتمع أكثر مرونة، نحن بحاجة إلى التنمية والتطوير العاجل في جميع المجالات، من تعليم وصحة إلى تطوير الطرق وتخضير المدن، فقد أصبحت بقعتنا هذه بيئة طاردة لساكنيها للأسف، ولا بد من أن تكون القوانين والتشريعات أكثر تمدناً بحيث تسمح للتعايش مع الآخر المختلف عن الرأي السائد اجتماعياً والمتماشي مع رأي السلطة، كذلك يجب أخذ الشباب على محمل الجد وعدم التقليل من شأنهم، ويتم ذلك عن طريق تمكينهم والاستثمار فيهم كمورد بشري ثمين، ورفع كل هذه القيود على النشاطات الإبداعية. كذلك يجب على الشباب ألا يستسلموا، فالوطن ليس معركة خاسرة، لندرك أننا– معشر الشباب- قادة الغد، فما هي سوى بضع سنين حتى نصبح وزراء ومسؤولين، لذا لا بد من العمل الجاد في هذه الأثناء وتكاتف الجهود بدلاً من العمل الفردي المشتت، فلنُزهر أينما غُرسنا.