أول العمود: 14.5 مليار دينار هي مصروفات التعليم في الكويت منذ 2008 حتى 2018، في حين ترتيبنا في جودة التعليم وقف عند 95 من بين 137 دولة في تقرير التنافسية الدولية الصادر عن المنتدى الاقتصادي الدولي.
*** لا أستطيع أن أنظر في عينيه أكثر من ثوانٍ معدودة، لأن الأحمال التي فيها ثقيلة، أرصدها بكل دقة، وأعرف بعض تفاصيلها المؤلمة، شكله الخارجي يُشِبهني، لباسه الشعبي هو لباسي، حديثه مثل حديثي، لكن شيئاً واحداً كبيراً وفارقاً بيني وبينه، أشبه بكتاب كثير الصفحات ذي وزن ثقيل. تلك هي عيونه وتعبيراتها ومسحة الحزن الغائرة فيها، تقول وأسمع ما تقول بوضوح صاعق: لماذا أنا هكذا؟ ولماذا هذه حالي في بلد يغدق على أهله وأشقائه وأصدقائه من خيره، ويجعلني أقبل بالفتات الظالم؟ وجهه يختصر حال منزله البالي، وأعباء مرض أمه، واحتياجات إخوته الصغار، والوقت الطويل الذي يقضيه في وظيفة هامشية من أجل حفنة دنانير لا تسدّ سوى احتياجات دواء رخيص وتموين لعشرة أيام، وبعدها لا يعلم كيف ستنقضي الأمور!هذه المقدمة لا تفارقني دوماً حينما أرى أحد إخوتي من الذين سميناهم اجتماعياً "البدون"، ووصمناهم قانونياً بمراكز قانونية عديدة متناقضة ومُشَتته تعكس عدم قدرتنا كمجتمع ودولة على هضم مسألتهم التي تُعد في عرف دول نامية أخرى موضوعاً لا يحتاج 60 عاماً من الدحرجة والمط والتسويف.أشعر بالخجل المختلط بالمآسي عندما أستَرِق نظرة سريعة لوجهه وهو يقف منزوياً بالقرب من باب المتجر، غارقاً بالخجل ليس من الوظيفة التي يعمل بها بل من الأسى والحزن الذي تراكم عبر سني عمره وعمر والده وجده، ولم نتحرك- نحن الكويتيين- لحل مشكلته، في منظر أشبه بأناس يأكلون أطيب الطعام وخلفهم جياع لا دعوة ولا موعد لهم على المائدة! فيا لهُ من وضع لئيم وبائس وبغيض.لا ألومك إن كانت في عينيك أشياء أخرى أعماني النعيم الذي أعيشه عن الوصول إليها، فإن كان فيها غِل فلا بأس، وإن غَرِقَت في الغضب والبغض فلا حرج عليك، وإن كان فيها ذُل فذاك هو منطق الأمور ومآلها، نعم لا ألومك، فنحن عبر 60 عاما نُقَلِبُك ذات اليمين وذات اليسار، ونطلب منك وثيقة بعد أخرى، ونحرضك على شراء جواز جزيرة نائية في البحر الكاريبي، ونشكك في ولائك، ثم نقول لك انتظر قليلاً فأنت ممن يستحقون الجنسية لكن المسألة تحتاج قرار دولة!هل عرفت الآن يا أخي لماذا لا أقوى على النظر في وجهك حتى أتقي "شر عينك" التي تُدينني بقوة؟ همومك ثقيلة، وإحد دلالات ثقلها انحسار شغفك للكلام، صرت تُحبُ الصمت الغاضب، صِرت تخيفني كثيراً، لأنك في عرف مجريات الأمور العالمية مشروع عُنف وإرهاب من أجل الخلاص من هذه الحال، حال عمرها 60 عاماً.لا ألومك، ولا أستطيع النظر إليك، لأنني أخشى عينيك.
مقالات
عيونه مخيفة!
17-02-2019