اعتذروا لشعبكم
![مصطفى البرغوثي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1564897822016822100/1564897879000/1280x960.jpg)
وفي مخيمات فلسطين يعيش مئات الآلاف جيلا بعد جيل محرومين من مقومات السكن اللائق والعيش الكريم، يشربون في أنحاء كثيرة مياها مالحة، ويضطرون كل يوم للتعرض لروائح المجاري، وتقوم أمهاتهم وزوجاتهم في منتصف الليل أو ساعات الفجر لتغسل ملابسهم عندما تأتي الكهرباء التي لا تزور بيوتهم أكثر من ست ساعات يوميا. وفي فلسطين أمهات وأخوات لنا اضطررن للتسول، لأنهن لا يجدن خبزا ولا طعاما لأطفالهن، وفي فلسطين آباء رأيناهم يبكون دما ووجوههم مغطاة بدموع الرجال الحارقة لأنهم لا يملكون راتبا يصرفون منه على أبنائهم وبناتهم، وفي فلسطين أسر أصيب أبناؤها بالسرطان وأمراض خطيرة أخرى، وتعجز عن دفع تكاليف نقلهم ليعالجوا في المستشفيات التي حولوا إليها. شعب يعيش كل يوم المآسي التي سببها الاحتلال، ويضيع ساعات طويلة من وقته على الحواجز، والمداخل، والمخارج لكنه لا يتنازل عن عدالة قضيته أو حقوقه أو عن حقه في تمثيل نفسه، وفي فلسطين شعب يعاني، لكنه صامد، ومصرٌّ على البقاء والفرح والحياة، يرفض بعناد كل الإغراءات ومحاولات الإغواء للتنازل أمام المحتلين، أو تقديم غطاء لمن يهرولون للتطبيع مع إسرائيل على حساب قضية فلسطين وحقوق شعبها.ومن فلسطين هناك ملايين ممن هجروا أو اضطروا أن يهاجروا، وأيا كان البلد الذي يعيشون فيه ومهما كانت عظمة مشاغلهم، فإنهم يتابعون في كل يوم هموم شعبهم وأخباره وأحداثه في وطنهم فلسطين. لكل هؤلاء نعتذر، ونطالب كل القوى والفصائل والتنظيمات أن تعتذر لهم، عن الفشل حتى الآن في إنهاء الانقسام الذي يدمر مستقبلنا، ويضيع طاقاتنا، ويجعلنا هدفا مستضعفا للاحتلال، ومؤامرة صفقة القرن، ومحاولات تصفية قضيتنا ووجودنا ومستقبلنا. اعتذروا لهم، فلعل فعل الاعتذار يغير شيئا في إحساس الجميع بحجم المسؤولية التاريخية والإنسانية الملقاة على عاتقهم، ولعله يدفعهم لتحقيق ما يطالبهم به شعبهم من وحدة وإنهاء للانقسام. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية