خصوم ترامب المخيفون
في 2020 يملك ديمقراطيان السجل الأقوى والأكثر بروزاً للترشح كمناضلين من الطبقة الوسطة: إيمي كلوبوشار وشيرود براون، وكلاهما سيناتوران من الغرب الأوسط، كذلك يتمتعان بنوع من البساطة الشعبية المحببة.
طلب معدو استطلاعات الرأي في جامعة مونموث من الديمقراطيين في شتى أنحاء البلد الاختيار بين نوعين مختلفين من المرشحين: الأول مرشح يتفق معه الناخبون على معظم المسائل، إلا أنه قد يواجه صعوبة في التغلب على ترامب، أما الآخر فيمثل العكس: مرشح قوي يملك وجهات نظر مختلفة عما يتبناه مَن يشملهم استطلاع الرأي.جاءت النتيجة مفاجئة: فضّل نحو 56% المرشح القابل للفوز، في حين اختار 33% المرشح المتوافق معهم عقائدياً، وبدت هذه الفجوة أكبر بعد بين النساء والديمقراطيين الليبراليين، إذ يؤكد باتريك موراي، الذي أشرف على استطلاع رأي جامعة مونموث، أن هذا النمط غير طبيعي، ففي الحملات السابقة صبّ الناخبون اهتمامهم على العقيدة أكثر منه على القدرة على الفوز في الانتخابات.أعتقد أن ثمة سببين رئيسين لهذا التبدل: الأول بالتأكيد فظاعة رئاسة ترامب، أما السبب الثاني فلا يقل أهمية، مع أنه أقل وضوحاً: أوجه الاختلاف بين المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين الأكثر بروزاً ما زالت محدودة حتى اليوم.
كلهم يؤيدون سياسات زيادة الدخل والحد من كلفة المعيشة للطبقة الوسطى والفقراء على حد سواء، كذلك يدعمون جميعاً زيادة الضرائب على الأغنياء، ويؤدون أيضاً اتخاذ خطوات لمعالجة مسألة المناخ، وحقوق التصويت، وتوسيع برنامج الرعاية الصحية. ويعي معظم الناخبين أن اختيار مرشح يملك أفكاراً مختلفة بعض الشيء بشأن سبل تحقيق هذه الأهداف لا يشكّل تضحية.ولكن إذا أراد الديمقراطيون تحديد أفضل أمل لهم بالانتصار على ترامب، فما يُفترض أن يكون شكل المرشح الذي يجب أن يختاروه؟ينبغي أن يكون مرشحاً يستطيع أن يقنع الأميركيين بأنه (أو أنها) يقف إلى جانبهم، ويلزم أن يكون مرشحاً قادراً خصوصاً على إقناع الناخبين المتأرجحين بولائه. نعم، ما زالت الولايات المتحدة تضم ناخبين متأرجحين، فقد انتقل عدد كافٍ من الأميركيين من دعمهم أوباما عام 2012 إلى تأييد ترامب عام 2016 ومن ثم الديمقراطيين في مجلس النواب عام 2018 بغية حسم نتائج هذه الانتخابات. أفهم لمَ ينجذب بعض الناشطين الديمقراطيين بدلاً من ذلك إلى فكرة تحقيق النصر من خلال الإقبال على صناديق الاقتراع: يتيح هذا فرصة تفادي أي تسويات سياسية، لكن المشكلة تكمن في أنه ما من مثال مطلقاً على فوز ديمقراطيين بسباقات متقاربة جدا من دون التشديد على الإقناع، فلم تحقق محاولات عام 2018 في فلوريدا، وجورجيا، وتكساس النتائج المرجوة.رغم ذلك، لا يعتبر أولئك الناخبون أنفسهم متشددين: إنهم وطنيون أو متدينون، حتى إن كثيرين منهم يصنّفون أنفسهم معتدلين، والغريب حقاً أن عدداً كبيراً منهم اعتبر ترامب معتدلاً عام 2016، فعندما يصوّر الجمهوريون مرشحاً ديمقراطياً كسياسي من النخبة منفصل عن الواقع، كما فعلوا مع هيلاري كلينتون، أو جون كيري، أو آل غور، أو مايكل دوكاكيس، يفوز المرشح الجمهوري غالباً بهذه الأصوات، في المقابل عندما يبدو الديمقراطيين كمناضلين من الطبقة الوسطى يفوزون عادةً.في ساحة عام 2020، يملك ديمقراطيان السجل الأقوى والأكثر بروزاً للترشح كمناضلين من الطبقة الوسطة: إيمي كلوبوشار وشيرود براون.كلاهما سيناتوران من الغرب الأوسط، فكلوبوشار من مينيسوتا وبراون من أوهايو، كذلك يتمتع كلاهما بنوع من البساطة الشعبية المحببة. كلا، لا تُعتبر هذه كلمات شفرة عرقية، إذ يعود فوز أوباما أيضاً بهؤلاء الناخبين المتأرجحين في جزء منه إلى هذه البساطة الشعبية. فازا براون وكلوبوشار في الانتخابات، ففي حين كان معظم ديمقراطيي أوهايو يتعرضون للهزيمة السنة ماضية، فاز براون بسبع نقاط مئوية، أما كلوبوشار فانتُخبت مجدداً محققةً انتصاراً ساحقاً، حتى إنها فازت في مقاطعتين انتخابيتين من ثلاث مقاطعات فقط على صعيد الأمة (كلاهما خارج منطقة "مينيابوليس- سان بول") انتقلت السنة الماضية من ديمقراطية إلى جمهورية، وقد أخبرني لورنس جاكوبز من جامعة مينيسوتا: "كلوبوشار تقدمية توصلت إلى طريقة للتواصل مع مجموعة واسعة من الناس الذين يواجه الديمقراطيون عادةً صعوبة في استقطابهم، ورسالتها واضحة: تستطيع أن تكون تقدمياً وأن تحظى بفرص كبيرة للفوز في الانتخابات".فازت إيمي كلوبوشار في سباقاتها في مجلس الشيوخ بعدد من الأصوات يفوق ما حصده الديمقراطيون الآخرون المرشحون في مينيسوتا، ولا شك أن لكلوبوشار وبراون نقاط ضعف، فقد اتُّهمت هي بأنها ربة عمل قاسية، علماً أن هذه التهم تبدو خليطاً من أفكار نمطية وشيء من الحقيقة، أما براون ذلك الرجل الأبيض في منتصف العمر الذي لا يتمتع بمهارات خطابية بارزة، فعليه أن يبرهن أنه ليس مملاً وأنه قادر على البروز وسط ساحة مكتظة، ولكن لو كنت مكان ترامب، لخشيت كلوبوشار وبراون. فيبدو كلاهما قادرين على استعادة ولايات الطبقة الوسطى العاملة التي يحتاج إليها ترامب، مثل ويسكونسن، وميشيغان، وبنسلفانيا، وربما أوهايو وأيوا، كذلك قد يقدمان أداء جيداً في ضواحي الحزام الشمسي في أريزونا، وفلوريدا، وكارولاينا الشمالية، ولو كنت بين الديمقراطيين الآخرين في سباق عام 2020، لدرست كيف نجح براون وكلوبوشار حيث أخفق عدد كبير من الديمقراطيين غيرهما.* ديفيد ليونهاردت* «نيويورك تايمز»