اكتشاف 40 مومياء من العصر البطلمي في صعيد مصر
تزخر محافظة المنيا في صعيد مصر بكم هائل من الآثار التي اكتشفت على مدار سنوات طويلة تاريخياً، قبل أن يضاف إلى هذا الرصيد الكبير اكتشاف جديد أعلنت عنه وزارة الآثار المصرية أخيراً، وهو عبارة عن مقابر أثرية تضم 40 مومياء ترجع إلى العصر البطلمي.
أعلنت وزارة الآثار المصرية اكتشاف 40 مومياء في قرية «تونا الجبل» في محافظة المنيا بصعيد مصر، في مقابر عائلية تنتمي إلى الطبقة الوسطى في مصر إبان عهد البطالمة (30-305 قبل الميلاد).وخلال مؤتمر صحافي عُقد في موقع الاكتشاف، قال وزير الآثار المصري، خالد العناني، إن «المقابر لعائلة من الفئة الراقية من الطبقة الوسطى في المجتمع، وتتكون من حجرات للدفن، في داخلها مومياوات لأشخاص في مراحل عمرية مختلفة، وهي في حالة جيدة من الحفظ، ومن بينها مومياوات لأطفال بعضها ملفوف بلفائف كتانية، والبعض الآخر يحمل كتابات بالخط الديموطيقي».وحضر الإعلان عن الكشف الأثري كل من وزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط، ومحافظ المنيا اللواء قاسم حسين، ما يعكس اهتماماً بتنشيط السياحة الأثرية في مصر، إذ تعاني حالة ركود منذ سنوات نتيجة الأحداث التي مرت بها البلاد في أعقاب ثورة يناير 2011.
أوضح عضو البعثة الأثرية التي اكتشفت هذه المقابر، رامي رسمي، أن عدد المومياوات بلغ 40 مومياء، من بينها 12 مومياء لأطفال وست دفنات حيوانية والبقية مومياوات لأشخاص بالغين من الرجال والنساء».من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، مصطفى وزيري، إن طرائق الدفن تنوعت داخل تلك المقابر بين الدفن داخل توابيت حجرية، أو خشبية، أو دفنات على أرضية المقبرة، بينما أشار مدير آثار منطقة تونا الجبل، فتحي عوض، إلى أن هذه المنطقة «استخدمت كجبانة منذ نهاية الدولة الحديثة في العصر الفرعوني».يشار إلى أنه في 13 مايو 2017، اكتشفت 18 مومياء في إحدى مقابر قرية «تونا الجبل»، واعتبرت آنذاك بمنزلة إضافة مهمة إلى تاريخ القرية الكبير.
تونا الجبل... قرية البركة وأرض الآلهة
تقع قرية «تونا الجبل» غرب مدينة «ملوي» في محافظة المنيا، وقد عُرفت في زمن الفراعنة باسم «تاونس»، ثم تغير اسمها ليصبح «تاحنت» في عهد الرومان، والاسمان يعنيان «البركة».واشتهرت هذه المنطقة بالاكتشافات الأثرية منذ حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، حين نجحت بعثة أثرية تابعة لجامعة القاهرة، في اكتشاف آثار بها تعود إلى حقبة ما قبل ميلاد السيد المسيح (عليه السلام).وأحد أبرز المعالم الأثرية في هذه القرية، مقبرة بيتوزيرس التي يرجع تاريخها إلى عام 300 قبل الميلاد، وكان صاحبها بيتوزيرس يشغل وظيفة كبير كهنة الإله «تحوت»، ويمتزج في هذه المقبرة الفن الهيليني والفن المصري، خصوصاً في المقصورة الأمامية، التي رُسمت عليها مظاهر الحياة اليومية. أما الحجرة الثانية فنقشت فيها رسوم معظم الآلهة المصرية القديمة لذلك تشتهر هذه المنطقة بأنها أرض الآلهة.ثمة أيضاً مقبرة تحمل اسم «أزادورا»، وترجع إلى عصر الإمبراطور هاديريان، وهي لفتاة يونانية كانت تسكن الضفة الغربية من نهر النيل، وكان والدها حاكم الإقليم، وقعت في غرام ضابط مصري تعرفت إليه خلال حفلة عرس في مدينة الأشمونين، ودارت بينهما أجمل وأروع قصة حب عرفها التاريخ القديم، وحين علم والدها بالأمر منعها عن حبيبها، فقررت الانتحار من دون علم الأخير.كذلك ثمة جبانة دفن الإله «تحوت»، وهي ممتدة تحت الأرض إلى مسافة كبيرة، وكانت مخصصة لدفن الإله تحوت (القرد والطائر أبو منجل) إله الحكمة والمعرفة، وقد أنشئ في أحد السراديب متحف يضم مقتنيات وُجدت في هذه السراديب الممتدة، من بينها قردة البابون المحنطة وطائر أبو منجل المحنط.وفي المنطقة ذاتها، توجد الساقية الرومانية التي ترجع إلى العصر الروماني، وقد بنيت من الطوب الصلب الأحمر لتطهير الطائر المقدس أيبس أو القرد، ولها سلالم تؤدي إلى أسفل، ويبلغ عمقها نحو 200 قدم.