بن سلمان في باكستان لتعزيز تحالف اقتصادي وعسكري
• عمران خان: نملك تقنية صناعة مفاعلات نووية وصواريخ
• 8 اتفاقات أضخمها في جوادار
من باكستان الحليف التقليدي القوي للسعودية، بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جولة تشمل كذلك الصين والهند، في خطوة قال محللون، إنها تمثل استدارة من المملكة باتجاه الشرق.
بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس، في باكستان، جولة آسيوية تشمل كذلك الهند والصين. ويسعى بن سلمان إلى تعزيز التحالف الاقتصادي والعسكري مع باكستان، وكذلك الحصول على عقود مهمة في الصين والهند العملاقين الاقتصاديين الآسيويين. وتأمل إسلام آباد التي أدى عجزها الخارجي إلى انكماش الاقتصاد، أن تقدم لها حليفتها منذ فترة طويلة مساعدة لإنقاذه، وقد يتخذ ذلك شكل استثمارات بمليارات الدولارات في مصفاة أو في مجمع نفطي في جنوب البلاد. وقد زار رئيس حكومتها عمران خان السعودية مرتين منذ انتخابه الصيف الماضي.وفي الشهور الأخيرة ساندت السعودية الاقتصاد الباكستاني بتدعيم الاحتياطيات الأجنبية المتناقصة بسرعة بقرض قيمته ستة مليارات دولار، الأمر الذي أتاح لإسلام آباد فرصة لالتقاط الأنفاس في مفاوضاتها على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي.
ويقول محللون، إن إسلام آباد تتعامل مع زيارة الأمير محمد باعتبارها أكبر زيارة دولة، منذ زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2015، في أعقاب إعلان بكين خططا لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات في البنية التحتية في باكستان، في إطار مبادرة الحزام والطريق العالمية الصينية.وتمثل الزيارة تعميقا للعلاقات بين البلدين الحليفين، اللذين تركزت علاقاتهما سابقا على دعم السعودية للاقتصاد الباكستاني في فترات الشدة، مقابل دعم الجيش الباكستاني القوي للسعودية والأسرة الحاكمة.كما للسعودية نفوذ ديني واسع في باكستان التي يمثل المسلمون أغلبية بين سكانها البالغ عددهم 208 ملايين نسمة.وقال مشرف زيدي الزميل الباحث في مركز تبادلاب الباكستاني المتخصص في دراسات السياسات العامة العالمية والمحلية: «هناك طمأنة بأن السعودية لن تواصل فحسب العمل كصديق استراتيجي يساعد في دعم الوضع المالي في باكستان عند الضرورة، بل ستصبح مشاركة في الاستثمار على نطاق أوسع في باكستان».وستغلق باكستان مجالها الجوي وتشدد الإجراءات الأمنية في إسلام آباد بمناسبة زيارة ولي العهد الذي سيصبح أول ضيف يقيم بمقر إقامة رئيس الوزراء. وكان رئيس الوزراء الجديد عمران خان قد رفض الإقامة في المقر في محاولة لتوفير المال العام.وأشار مسؤولون باكستانيون بالفعل إلى أن السعودية ستعلن 8 اتفاقات استثمارية من بينها مجمع لتكرير النفط والبتروكيماويات تبلغ استثماراته عشرة مليارات دولار في مدينة جوادار الساحلية التي تبني فيها الصين ميناء.
عمران خان
وأشاد رئيس وزراء باكستان، عمران خان، بالإصلاحات التي باشرها ولي العهد السعودي.وفي مقابلة مع «العربية» بث مساء أمس، قال خان: «الأمير محمد بن سلمان يسعى الى عصرنة السعودية، وهذا يحتاج لإصلاحات كثيرة، ونحن نتقاسم الأفكار نفسها، وما يقوم به ولي العهد يستحق الإشادة حقاً، لأننا نريد أن تكون السعودية قوية».وعن العلاقات السابقة بين البلدين، قال خان: «اتسمت العلاقة بين المملكة العربية السعودية وباكستان في الماضي بتقديم المملكة مساعدات مالية إلى باكستان في الأوقات الصعبة، فضلا عن وجود يد عاملة باكستانية تعمل في السعودية، كانت علاقة من طرف واحد». وأضاف: «ما نرغب في القيام به اليوم هو بناء علاقة ترتقي إلى مستوى جديد، نريد أن يقوم كل بلد منا باستثمار الميزة التفاضلية التي تتوفر لديه».وأشار إلى أن ما يميز باكستان اليوم أن لديها أكثر المسلمين تعلما في العالم، يعيش ثمانية إلى تسعة ملايين منهم في الخارج، ويوجد بينهم علماء ومختصون في كل المجالات.وأضاف: «لدينا رأسمال بشري في كل الحقول. وباكستان هي البلد الإسلامي الوحيد الذي استطاع صنع القنبلة النووية وبناء مفاعلات نووية واكتساب تكنولوجيا الصواريخ».وأوضح أنه يسعى إلى تنشيط التجارة بين البلدين، ودعم الاستثمار الذي يخدم المصلحة المشتركة.توتر إقليمي
ووصل الأمير محمد إلى باكستان في أجواء من التوتر الإقليمي الشديد. وتتهم الهند وإيران المتجاورتان إسلام آباد بالتورط في هجومين انتحاريين أسفرا عن سقوط قتلى خلال الأسبوع الجاري على أراضي الدولتين، الأمر الذي نفته باكستان. وعلق المحلل السياسي الباكستاني علي مهر، في مداخلة مع قناة «العربية»، على سبب اتهام إيران للسعودية والإمارات وباكستان بأنها خلف الهجوم الأخير على الحرس الثوري في زاهدان، مؤكداً أن الإيرانيين منزعجون من التنسيق بين هذه الدول الثلاث في الأشهر الأخيرة فيما يتعلق بملف أفغانستان.وقال مهر إن «لهذه الاتهامات علاقة مباشرة بزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لباكستان، وتنامي عمق العلاقات الخليجية الباكستانية تاريخياً واستراتيجياً، وخاصة مع وصول عمران خان الذي زار الإمارات 3 مرات، والسعودية مرتين خلال 6 أشهر، بينما لم يزر طهران ولا مرة واحدة».العملاقان الآسيويان
واليوم يتوجه الأمير محمد إلى الهند، حيث سيلتقي رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ويناقش مسألة النفط مع وزير البترول والغاز الطبيعي دارميندرا برادان. وسيزور الصين الخميس والجمعة.وقال لي غووفو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد الصين للدراسات الدولية، مركز الأبحاث المرتبط بالحكومة الصينية، إن المملكة «تقوم بعمليات تصحيح استراتيجية والدبلوماسية السعودية تلتفت حاليا باتجاه آسيا». وتابع أن «الدول الآسيوية لديها سمة خاصة ومهمة هي أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وأكدت المحللة في مجموعة «أميركان انتربرايز اينستيتوت» كارين يونغ أن «آسيا تشكل مصدر استثمارات في الطاقة والبنى التحتية في الخليج، والنمو المقبل للاقتصاد العالمي سيسجل في آسيا».