شيء ما لفتني في القصة القصيرة، هذا الفن السهل الممتنع، الفن الذي يلامس الحياة في أكثر لحظاتها عبوراً ووجعاً واهتزازاً. منذ بدأت علاقتي بالقراءة، غمزني سحر قصةٍ قصيرة فسرتُ خلفه، ولم أزل. أكون في بحر انشغالي بكتابة مشاهد رواية، فتمرّ قصة من أمامي، تصوّب نظرتها الفاتنة إليَّ، فأترك ما بيدي وأركض وراء إغوائها.لذا حين أسست ومجموعة من الأصدقاء الأفاضل "الملتقى الثقافي" عام 2011، وبعد أن استقر به النشاط والحضور، بدءاً من شهر فبراير 2012، دار ببالي إنشاء جائزة للقصة القصيرة، وما إن عرضت الفكرة على القاص والروائي المرحوم إسماعيل فهد إسماعيل، حتى صرخ بنبرته التي ما زالت ترنّ بأذني: "الله، جميل، أنا معك".
وكذا كان موقف الزملاء في الملتقى. لذا بدأتُ بالتحضير لكل ما يخص هذه الجائزة، واتصلت بأصدقاء القصة القصيرة في الوطن العربي والعالم، وكانت الفكرة حديثي والصديق صموئيل شمعون في لندن، للوقوف على أهم ما يجب أن تتوفر عليه هذه الجائزة.في عام 2015، وبعد أن اكتملت فكرة الجائزة، وبنود لائحتها الداخلية، وبالنظر إلى اشتغالي بتدريس مادة "الكتابة الإبداعية" في الجامعة الأمريكية في الكويت (AUK)، كان أن عرضت الفكرة على الدكتور ريموند فارين، ولاحقاً الأستاذة أمل البنعلي، نائب رئيس الجامعة لشؤون القبول والعلاقات العامة، ولاقت الفكرة حماساً وقبولاً كبيرين لديها، ولها يرجع الفضل في عرض الفكرة على سعادة الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح، مؤسس ورئيس مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الكويت، التي احتضنت وشجّعت الفكرة، من باب مسؤولية الجامعة في الخدمة الاجتماعية، وكان أن انطلقت جائزة الملتقى من حرم الجامعة الأمريكية في الكويت في شهر ديسمبر 2015. شُكّل للجائزة مجلس أمناء من داخل الكويت، ومجلس استشاري عربي عالمي، وكان لهما الفضل والدور الأكبر في اعتماد لائحة الجائزة بشكلها النهائي، وتفعيل موادها في تشكيل لجان التحكيم وباقي شروط الجائزة. انطلقت الدورة الأولى للجائزة، وكان أن حظيت بدعم وتشجيع كبيرين ومؤثرين، ورعاية كريمة من معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، مما كان له أكبر الأثر في تأكيد أهمية الجائزة كفعل إبداعي ثقافي على مستوى الوطن العربي، وتأكيد دور الكويت الرائد في احتضان واحد من الفنون العربية العريقة.احتضان الجامعة الأمريكية في الكويت لجائزة الملتقى في دوراتها الثلاث الأولى، باعتبارها الداعم الرئيسي والوحيد لكل ما يتعلق بالجائزة وإدارة شؤونها بفريق مخلص، كان هو المحرك الأكبر لإطلاق الجائزة، خاصة في ظل ما لاقته من اهتمام إعلامي وصحافي شمل أقطار الوطن العربي والعالم، بما يحفظ الفضل للجامعة الأمريكية في الكويت، بوصفها الداعم الأهم للجائزة في دورات ميلادها الثلاث الأولى.فاز بالدورة الأولى الكاتب مازن معروف، وفازت بالدورة الثانية الكاتبة شهلا العجيلي، وكان الكاتب ضياء جبيلي هو الفائز بالدور الثالثة. ولقد شهدت هذه الدورات أنشطة ثقافية عربية لافتة وسط حرم الجامعة الأمريكية في الكويت، وهو المكان الذي احتوى كل ما يخص هذه الدورات.بعد انتهاء الدورة الثالثة، وبانتهاء عقد الشراكة بين الملتقى الثقافي والجامعة الأمريكية في الكويت، انتقلت الجائزة إلى بيت جديد هو: جامعة الشرق الأوسط الأميركية في الكويت (AUM)، بما يشكل انطلاقة جديدة ومؤمَّلة للجائزة. فلقد انتقلت من جامعة إلى أخرى، ومن حضن صرح أكاديمي إلى آخر، برعاية وحماس ودعم الدكتور فهد العثمان، رئيس مجلس أمناء الـ "AUM".خلال الدورات الثلاث الفائتة صار يُشار إلى جائزة الملتقى، بوصفها جائزة القصة القصيرة العربية، وهكذا أخذت مكانها في "منتدى الجوائز العربية"، بصفتها عضو المجلس التأسيسي للمنتدى، وصار يُشار إلى الكويت بأنها بيت القصة القصيرة العربية. وهذا ما ستحرص إدارة الجائزة الجديدة على تأكيده ورفع شأنه. الحياة تحاكي اللحظة الراهنة، لذا فالرهان كبير ومؤمّل على أن تضيف جامعة الشرق الأوسط الأميركية (AUM) نجاحاً على نجاح للجائزة، بما يُعلي من مكانها وحضور دولة الكويت في ساحة الجوائز العربية، ويضيف رصيداً إبداعياً وثقافياً جديداً لجامعة (AUM) بوصفها صرحاً أكاديمياً كويتياً نفخر ونعتز به.
توابل - ثقافات
الكويت بيت القصة القصيرة العربية
20-02-2019