الشاعر الفلسطيني عبد المحسن محمد: «ظل من المنفى» ثورة على من يستعبد الحلم فينا
«ظل من المنفى» هو الثالث للشاعر عبد المحسن محمد بعد ديوانين «تمخّضي عشقاً» و «على قيد الوجع»، رسم فيها عالمه الخاص الذي تغلفه ألوان من الفرح رغم جراح المنفى، وتنبض الصور الشعرية برموز استقاها من خياله عن وطن عشقه وجعله حلمه الأجمل وهاجسه الأكبر...
عنوان ديوانك «ظل من المنفى»، هل هو صرخة ألم على وطن ضائع؟
كل من في الكون ظل لمن يحبه، ويود ملازمته. ظل من المنفى هو صرخة من ظلّي التّائه الباحث عن نفسه على جدران بيوته المهدّمة في وطن اغتصبه عدوه وأخرجه منه قسراً، ظل من المنفى هو صرخة مشتاق لمن غادره، هو صرخة مجتمع يئن متحطّما، هو صرختنا جميعاً.
إلى أي مدى يبلسم الشعر جراح الماضي؟
لا أظن الشعر يمكن أن يلئم جرحاً أو يشفيه، على العكس فهو ينكأ الجراح ويلهبها ويحييها من جديد، تكون شبه منسية أو متناسَية فيلملم ذكراها من بعد شتات.هل تعتبر قصائدك شبابيك مفتوحة إلى العودة ولو بالحلم؟
لكل شاعر نافذة ضيّقة يستقبل نور قلبه منها، هي نافذة افتراضية يعبر من خلالها إلى العالم الآخر، عالم الحب والأمن والتلاقي، يجوب بعد عبورها أرجاء الوطن، أن تكون في وطنك لدقائق وأن تحلم، خير من أن تشاهده على شاشات التلفزة!ما علاقة الأرض والحبيبة في شعرك؟
الأرض هي حبيبتي، أمي، صديقتي وكل أنثى في الكون، وأن أسير إليها مع حبيبة تكون بجانبي، خير لي من أن أسير إليها منفرداً.شعر ثوري
برأيك هل يجب أن يرتكز الشعر على جذور تاريخية وثقافية؟
بالطبع، فالشعر أحد أعمدة تراثنا العربي المرتكز على اللغة والخط والشعر، وكلّما ارتكز إرثك على ما أثريت به ذاتك من ثقافة وتاريخ، فإنك تحمل ما احتويت إلى القارئ لتكون شاعرا ومثقفاً ومؤرِّخاً.هل يندرج شعرك ضمن الشعر الثوري؟
في مجمل قصائده نعم، ففي «ظل من المنفى» ثمة ثورة على الحاكم المستبد، وثورة على من يستعبد ثوراتنا وذواتنا، وثورة على من يستعبد الحلم فينا، وثورة على تقاليدنا القاتلة التي تدمر بعض داخلنا، وثورة على الحب!!هل تعكس قصائدك نبض فلسطين، وماذا عن المكان الذي تعيش فيه أي لبنان؟ ي
في لبنان ولدت، ونمت أظافري وربِيت، في لبنان كتبت الشعر وأدركته، في لبنان تعلّمت ثقافة المقاومة والعودة، ولدت في مخيّم صغير للاجئين الفلسطينيِّين في نهر البارد الذي تم تدميره عام 2007، وما زال أهله يحيون بين ركام لم ينهض بعد، في هذا المخيم تشرّيت بلادي فلسطين، وكتبت الشعر فيها، تعلمت حبها من النشيد الوطني ومن كرّاسات الدراسة ومن الرسومات على جدران المخيم العتيقة، ومن أحاديث الكبار وحكايات الجدة، تعلمت حبها من تربية عائلتي التي تذكرني بأرضي في كل مفصل وموقف، إنها فلسطين، تستحقّ أن نحمل كل حب الكون لها، ولن يكفي!إلى أي مدى تشكل القصيدة عند الشاعر الثوري بندقيته؟
المقاومة تكون ببندقيّة ثائر، أو ريشة فنّان، أو مبضع جرّاح، أو قلم شاعر، أمّ المقاومة بندقيّة، وخير المقاومة أن تكون ثائرا بالرّصاصة، ولكن أن تكون محاصراً بين حدود وجدران وبعيداً عن وطنك، فعليك أن تبدأ بالمقاومة الأصغر، أن تكون شاعراً يصدح بحب بلاده، يحمل همومها ويصقل معاناتها، أن تكون شاعراً يحمل رسالة إلى العالم أني أحيا لأعود إلى وطني.أصدرت ديوانين»تمخّضي عشقاً» و«على قيد الوجع»، فهل يندرج ديوانك الثالث ضمن أجوائهما أم يحمل جديداً في المضمون والأسلوب؟
طبعا لكلّ ديوان خصوصيّاته ووقته وأسلوبه، وعلى الشاعر أن يحمل التجدّد دوماً لا أن يكرّر نفسه، ولو كان يحمل ذات الفحوى فما الفائدة من إنجاب دواوين أخرى؟عندما تدخل في لحظة شعرية هل يحضر عندك الأسلوب في الأولوية أم الفكرة؟
علينا أن نوازي دوماً بينهما، فأن تكتب بأسلوب يليق بالفكرة، وأن تكون الفكرة مناسبة للأسلوب، فهذا يعني نجاح القصيدة التي يقيمها القارئ، ولكن بالطبع إن لم تكن الفكرة جليّة أو واضحة أو سهلة الوصول إلى فكر المتلقي، فما الفائدة منها؟تكريم وجديد
كرمك اتحاد منظمات الشرق الأوسط للحقوق والحريات في فرنسا بمنحك دكتوراه فخرية، وتعيينك سفيراً للإنسانية والنوايا الحسنة في الشرق الأوسط، فماذا يعني لك هذا التكريم؟
هو معنوي، وحافز إلى الأمام، تواصلت معي ريحانة الهمداني، شاعرة تبحث عن المواهب والمبدعين، وتتواصل مع جمعيات دولية ومؤسسات حقوقية لمنحهم تكريمات، وأخبرتني أنها تفخر بتكريمي بدكتوراه فخرية، وتعييني سفيراً للإنسانية والنوايا الحسنة في الشرق الأوسط. ثمة خطوات عدة أخطط لها في هذا المجال من بينها: رابطة لسفراء النوايا الحسنة والإنسانية، وسفراء السلام بين الشعوب.هل ثمة معايير معينة تعتمد لتكريم هذه الشخصية او تلك؟
لا تكريم من دون وجود خامة إبداعية مميزة، لاكتماله، وما عدا ذلك، لا يستحقه صاحبه.ما الجديد الذي تعمل عليه راهناً؟
بدأت التحضير لديوان جديد يصدر نهاية العام لو اكتمل توفيق الرحمن وتم ذلك، علماً أن قصائد كل ديوان تكتب في ذات العام، بل قبل شهرين من طباعته.