بن سلمان لمواجهة «داعمي الإرهاب»... ومحاصرة نفوذ إيران
السعودية لاستثمار 100 مليار دولار في الهند والمساعدة في خفض التصعيد مع باكستان
في إطار جولة امتدت مفاعيلها للحد من نفوذ إيران في آسيا، عقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مباحثات مثمرة تناولت زيادة الضغوط على داعمي الإرهاب وزيادة حجم الاستثمارات إلى 100 مليار دولار خلال عامين.
في ثاني محطة له ضمن جولة آسيوية، يرى مراقبون ومسؤولون سابقون أنها ستحد من طموحات إيران في المنطقة، اتفق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على تعزيز الضغوط على الدول الداعمة للإرهاب.وقال ولي العهد، عقب محادثات مع مودي سبقتها محادثات مماثلة في باكستان، إن «الإرهاب والتطرف يشكلان مصدر قلق لكل من الهند والمملكة العربية السعودية». وأضاف: «أريد أن أؤكد استعدادنا للتعاون مع الهند، بما يشمل تقاسم معلومات الاستخبارات».وعرض بن سلمان تقديم المساعدة للجارتين النوويتين، باكستان والهند، لخفض التصعيد بعد الاعتداء الانتحاري الذي استهدف قافلة لقوات الأمن الهندية في الجزء الواقع تحت سيطرة نيودلهي بإقليم كشمير المتنازع عليه مع إسلام آباد، والذي تسكنه أغلبية مسلمة.
من جهته، ندد مودي مجدداً بـ«الهجوم الوحشي» الذي وقع الخميس الماضي قائلا: «للتصدي بفعالية لهذا التهديد، اتفقنا على الحاجة إلى زيادة جميع الضغوط الممكنة على دول تدعم الإرهاب في أي شكل». وتابع: «من بالغ الأهمية أن يتم القضاء على البنية التحتية للإرهاب ووقف الدعم للإرهابيين وداعميهم».وغداة استقبال الرئيس الهندي رام ناث كوفيند ولي العهد السعودي في القصر الرئاسي بإطلاق 21 طلقة مدفعية، وقعت الرياض عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية مع ونيودلهي، شملت السياحة والإسكان والتجارة.وقبل توجهه إلى الصين محطته الثالثة، أشاد بن سلمان، بالعلاقات الاقتصادية القوية بين الهند والسعودية. وأضاف: «نرى فرصا بأكثر من 100 مليار دولار في الهند خلال العامين المقبلين، ونأمل أن تسهم الاستثمارات مع الهند في خلق كثير من فرص العمل».وأشار، خلال مؤتمر، عقب توقيع عدد من الاتفاقيات إلى أن «رئيس الوزراء الهندي ذكر أن هذه أول زيارة لي، لكن هذه الأولى كرئيس لوفد. فقد سبق لي أن زرتها» من قبل.وأضاف: «تمتد العلاقة بين الهند والسعودية لآلاف السنين. الفرص بين بلدينا كثيرة جداً وهناك الكثير من المصالح: الثقافية، الاجتماعية، والاقتصادية. نضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لتحقيق هذه المصالح».وأوضح الأمير محمد أن مودي زار الرياض في 2016، ونتج عن الزيارة في 2017 و2018 استثمارات في تكرير النفط والبتروكيمياويات. وتابع: «في العامين الماضيين كان هناك استثمار سعودي بـ 10 مليارات في مجال التقنية والشركات الصغيرة وتحفزنا لاستثمار المزيد».وأعرب عن تطلعه لتوفير مزيد من الأيدي العاملة الهندية للمساهمة في مستقبل السعودية ورؤية 2030.
أركان أساسية
وتستند العلاقة بين السعودية والهند إلى أركان أساسية، ففي الاقتصاد: السعودية رابع شريك للهند، وتمدها بـ20% من نفطها، وهي ثامن أكبر الأسواق لمنتجاتها. كما أن السعودية مدعوة للمشاركة في مشاريع إسكان لـ50 مليون شخص، ولإنتاج 170 غيغاوات من الكهرباء. ولعل من أبرز المشاريع التي يعمل عليها البلدان، مصفاة راتناغيري التي تبلغ كلفتها 44 مليار دولار.في السياق، ذكرت «أرامكو» السعودية، أمس، أن الاستثمار في الهند يمثل أولوية للشركة النفطية العملاقة، وأنها تتوقع أن يرتفع طلب نيودلهي على النفط إلى 8.2 ملايين برميل يوميا بحلول 2040. وتشتري الهند حاليا نحو 800 ألف برميل من السعودية.محاصرة إيران
في غضون ذلك، أعرب السفير الأميركي السابق في اليمن جيرالد فيرستين عن اعتقاده بأن جولة بن سلمان في الهند وباكستان ستحد من طموحات إيران في الدولتين الآسيويتين، بعد التقارب الذي حدث في الآونة الأخيرة.وقال في تقرير نشره معهد سياسات الشرق الأوسط في واشنطن، أمس الأول: «من المؤكد أن جولة الأمير محمد الآسيوية ستدعم مركزه وتعزز العلاقات بين السعودية والهند وباكستان».وأشار الكاتب إلى اتفاقات التجارة والاستثمار التي وقعها الأمير في باكستان، والتي رأى أنها تشكل عقبة أمام تطور العلاقة بين إسلام آباد وطهران، لافتاً إلى التقارب بين البلدين بعد استئنافهما المحادثات بشأن إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الإيراني إلى باكستان وإلى توتر في تلك العلاقات بعد الهجوم الانتحاري ضد «الحرس الثوري» الإيراني أخيراً.وتابع: «الجولة تمثل فرصة حقيقية لإثبات أن تقارب باكستان والهند مع الرياض يمكن أن يحقق لهما مكاسب وفوائد أكثر من تقاربهما مع طهران».وفي مرحلة من المراحل، تجاوزت إيران السعودية، العام الماضي، في كميات النفط التي تحصل عليها الهند من المصدرين، إلا أن إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران يلحق بقطاع النفط الإيراني اضرارا كبيرة.سلاح هندي
على صعيد منفصل، أفادت الهيئة الاتحادية للتعاون العسكري في الهند بأن نيودلهي تعتزم شراء 21 طائرة مقاتلة من طراز «ميغ 29»، وربما أكثر من موسكو.وأبرمت الهند العام الماضي اتفاقا مع روسيا لشراء أنظمة «إس 400 أرض جو» للدفاع الصاروخي، برغم تحذير الولايات المتحدة لها من أن الصفقة قد تجعلها عرضة للعقوبات بموجب القانون الأميركي.اقتراض سعودي
في سياق آخر، أعلنت الشركة السعودية للكهرباء، أنها وقعت اتفاقية تمويل مشترك بقيمة 15.2 مليار ريال من ستة بنوك محلية.وقالت الشركة الحكومية، وهي مزود الخدمة الوحيد للمملكة، في إفصاح للبورصة، إن القرض بدون ضمانات ومدته سبع سنوات، لتمويل أغراض الشركة العامة بما فيها النفقات الرأسمالية.